إن المنطق الإسرائيلي في «حروبها» في المنطقة حالياً هو أنها لا يمكنها إعادة فتح فاتورة الخسائر بالأرواح، الهائلة، والتي تكبّدتها منذ 7 أكتوبر بين حين وآخر، ولا فتح النزيف الأمني الكبير الذي تعرضت له!
لذلك يجب، بالنسبة إليها، إقفال هذه الفاتورة مرة واحدة بإبعاد شبح كل المخاطر الممكنة بأخذها لمبادرات بالحروب على خصومها للتخلص منهم بغية استعادة أمنها!
أي أن إسرائيل تعتقد أن نهاية «كابوسها» الذي انطلق في 7 أكتوبر يكون بخلق كوابيس كبيرة في كافة المنطقة، ولكل خصومها! مستفيدة من التحالف العسكري الغربي الهائل، التي ستجرّه ليقاتل عنها!
في الواقع، لا دواعي للرد الإسرائيلي على الرد الإيراني سوى الإرادة الإسرائيلية بإشعال المنطقة! فالرد الإيراني لم يكن «مؤذياً» لإسرائيل؛ لا لجهة الخسائر بالأرواح ولا لجهة إصابة الأهداف الحيوية!
في المنطق العسكري – السياسي تريد إسرائيل «توريط» الولايات المتحدة «وحلفائها» الأوروبيين بحرب على إيران! لأن الرد والرد على الرد يعني انزلاقاً دولياً تريد منه إسرائيل تدمير القلب، لشل الأذرع الإيرانية!
ولا يمكن معرفة حدود هذا الانزلاق. فدخول الحرب ليس كالخروج منها. والرد الإسرائيلي سيستوجب ردّاً ثانياً إيرانياً! وتتوسع بقعة الحرب شيئاً فشيئاً!
قد يكون سعي إسرائيل لتحقيق أمنها النهائي هو بـ «التخلص» من منابع الأخطار ومن تمويل الأذرع في طهران. لأن ضرب طهران بالمنطق الإسرائيلي يعني وقف التمويل والتسليح والتزويد بالصواريخ والتدريب… للميليشيات الشرق أوسطية المحسوبة عليها!
ولكن نجاح إسرائيل تحت مسمّى «حماية أمنها» على المدى الطويل بالتخلص من حماس وحزب الله والحوثيين والميليشيات العراقية الموالية لإيران بقطع كل أنواع التنفس اللوجستي عنها ليس محسوماً! فمعظم هذه الميليشيات لها قواعد شعبية في بلادها وبيئة حاضنة تكوّنت على مدى سنوات طويلة! وهي تملك مخزوناً هائلاً من الأسلحة والصواريخ. إلّا إذا كان يكفي إسرائيل تجفيف المنابع المالية عنها كخطوة أولى، بإرهاق إيران عسكرياً!
قد لا تُعرف نتائج أي رد إسرائيلي الليلة. ولكن المؤكد أن الحرب الإقليمية، إذا ما وقعت، ستكون بمثابة زلزال عالمي، حتى ولو لم تتحوّل الى حرب عالمية مباشرة!