IMLebanon

دائرة الحرب تتّسع حتى الانفجار  

 

 

لا أحد يعرف متى ستندلع الحرب، ولكنّها على ما يبدو حتى الآن واقعة، الفرصة الأخيرة شارفت على النفادووصلنا إلى طريق مسدود، ومع هذا المشهد اللبناني لا يُصدّق، هستيريا وضبابيّة مخيفة لا يستطيع معها أحد أن يقرأ الأحداث والاضطرابات التي تخبئها الأيام المقبلة للبنان لقد أقفلت اللعبة نهائيّاً في وجه كلّ اللاعبين وكلّ الأفرقاء وكلّ المؤسّسات التي يعوّل على استمرارها وجود لبنان، حتّى الصين طلبت من مواطنيها مغادرة لبنان بأسرع وقت، فهل يحدث ويطلب أحدٌ من اللبنانيين مغادرة لبنان فوراً؟!!

 

تضافرت جهود كلّ المتورّطين في الدّاخل ومن الخارج لإيصال البلاد إلى هذه اللحظة بعدما أشبعوا الشّعب أكاذيب ونهباً وسرقة وفساداً وإفساداً وقتلاً وتدميراً إلى حدّ يدفعك للتّساؤل أإلى هذه الدّرجة اللبناني رخيص عند هؤلاء؟ أيّ شعب آخر في هذا العالم الذي يأكل بعضه بعضاً يعجز عن احتمال دولة وشعب كالذي عندنا فنرى اللبناني متواطئاً على نفسه ووطنه وسط واقع لئيم يؤكد أنّ لبنان والشّعب اللبناني ميئوس منه وحالته مستعصية على الحلّ!

 

تتكدّس أمامنا روايات وسيناريوهات وتطوّرات أمنيّة خطيرة تزامناً بعدما بلغنا ذروة الانهيار الاقتصادي والمالي وعلى عتبة انهيار قضائي والتهديد بقطوع الخضّات الداخليّة، وصلنا إلى الحرب التي تزداد وتيرة انفجارها في وجه الجميع كلّ ليلة، ننام ونصحو وننظر إلى ساعاتنا كم تبقّى من الوقت؟ لا أحد يعرف! في هذا الهامش كتبنا في أيلول العام 2023 عن بانورج وقطيع الخرفان المنتحر، عمليّاً ما كان لهذا الواقع أن يظلّ قائماً لولا القطعان اللبنانيّة التي يسير كلّ قطيع منها خلف كرّازه، قطعان الطوائف اللبنانيّة كحال «خرفان بانورج» ( Mouton de   Panurge ) التي رواها فرانسوا رابليه (François Rabelais) الكاتب والطّبيب والراهب وعالم اليونانية وأحد إنسانيّي النهضة وأحد أعظم الكتاب على مستوى العالم.

 

«بانورج» رجل كان في رحلة بحرية، وصادف أن كان معه على نفس السفينة تاجر أغنام يدعى «دندونو» (Dindenault) معه قطيع من الخرفان بغرض بيعها.كان «دندونو» تاجراً جشعاً لا يعرف معنى الرحمة، حتى أن رابلي نفسه وصفه بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر من غياب للإنسانية، فحصل أن وقع شجار على سطح السفينة بين «بانورج»، صاحب القصة، والتاجر «دندونو»، صمم «بانورج» على أثر تلك المشاجرة أن ينتقم من ذلك الجشع. رسم «بانورج» لذلك خطة جهنمية، فقد قرّر شراء أحد الخرفان من التاجر بسعر عال وسط سعادة «دندونو» بالصفقة الرابحة، ولكن، وفي مشهد غريب، أمسك «بانورج» بخروفه من قرنيه وجرّه بقوة إلى طرف السفينة، ثم قام بإلقائه إلى البحر، وفي تصرف كان قد توقعه «بانورج» من الخرفان، رمى أحدهم بنفسه من سطح السفينة تابعاً خطى الخروف الغريق ليلقى نفس مصيره، ثم ليلحق به الثاني فالثالث فالرابع وسط ذهول التاجر وصدمته، وفي تصرف صادم اصطفت الخرفان الباقية في طابور مهيب لتلقي بنفسها إلى التهلكة، غير واعية للمصير المهلك الذي ينتظرها، ونحن في هذا المشهد العظيم الخرفان الغرقى!