IMLebanon

لوائح الإغتيال قديمة جديدة.. و«المستقبل» يُشكّك ويتوجّس مصادر أمنيّة: لعدم الهلع والأجهزة مُستنفرة للمواجهة

عادت إلى الواجهة، خلال الساعات الماضية ما اصطلح على تسميتها بـ«لوائح الاغتيال»، لوائح ذاع صيتها في لبنان منذ العام 2005، بعيد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، والذي مهّد لموجة اغتيالاتٍ لا يزال الوطن يعيش تداعياتها حتى يومنا هذا.

طيلة السنوات الماضية، لم تغب هذه اللوائح من التداول. كانت «تجيء وتروح» بين الفينة والأخرى. بعض الأسماء التي شملتها بقيت ثابتة، فيما خضع بعضٌ آخر للتعديل، تعديلٌ كان في معظم الحالات يتخذ شكل الإضافة لا الحذف، باعتبار أنّ التهديدات كانت دائمًا تتضاعف، حتى في أكثر الأوضاع هدوءًا في الظاهر.

اليوم، عادت هذه اللوائح إلى الواجهة من بوابة تقارير أمنية تحدّثت عن تخطيط تنظيماتٍ متطرّفة، بينها تنظيم «خراسان»، لتنفيذ عمليات تخريب واغتيال، علمًا أنّ بين «الأهداف» المرصودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وكذلك عدد من نواب «تيار المستقبل»، بغرض «التشويش» على الحوار القائم بين التيار و«حزب الله» منذ فترة، وهو الحوار الذي يلاقي اعتراضًا داخل «التيّار الأزرق» نفسه قبل حلفائهم.

وإذا كانت المصادر الأمنية ترفض تأكيد أو نفي صحة التقارير المتداولة، فهي تكتفي بالإشارة إلى أنّ المرحلة حسّاسة، باعتبار أنّ أعداء الاستقرار كثرٌ وهم يزدادون يومًا بعد آخر، وبالتالي فإنّ الخطر موجودٌ، وهو يشمل جميع الأفرقاء من دون استثناء، ذلك أنّ المخطّط لا يستهدف أشخاصًا بعينهم، وإنّما يتوخّى قبل كلّ شيء زرع الفوضى وإحداث الفتنة، التي متى استيقظت، لن يكون إخمادها بالأمر اليسير إطلاقاً. ولكنّ المصادر الأمنية تصرّ على وجوب عدم الهلع، باعتبار أنّ الأجهزة الأمنية تقوم بكلّ ما تستطيع لمواجهة كلّ التهديدات، أياً كان مصدرها، وهو ما تجلّى في الآونة الأخيرة من خلال ما عُرف بـ«الأمن الاستباقي»، الذي أنقذ البلاد من «كوارث محققة»، على حدّ تعبيرها.

على المستوى السياسي، فإنّ «الطمأنينة» التي تحاول المصادر الأمنية إظهارها لا تنزل لا بردًا ولا سلامًا، فالخشية كبيرة من أن يستغلّ أيّ طرفٍ حالة الفراغ التي تعيشها البلاد، سواء في رأسها أو في جسدها، ليضرب ضربته، التي قد لا يقوى أحد على تحمّل نتائجها. وفي هذا السياق، تبدو عين التينة «متأهّبة»، حيث يأخذ المقرّبون من رئيس المجلس النيابي التهديدات الجديدة على محمل الجدّ. برأي هؤلاء، فإنّ مخطط استهداف بري ليس بجديد، ويكاد الرجل يكون «القاسم المشترك» بين كلّ لوائح الاغتيال، القديمة منها والحديثة، بل هو يتصدّر كلّ هذه القوائم، ذلك أنّ النجاح في استهدافه سيحقق بما لا يقبل الشكّ مخططات من يتربّصون بالوطن شرًا، لأنّ أحدًا لن يكون بمقدوره ضبط الشارع عندها.

وفي مقابل «الجدية» التي يأخذها المحيطون ببري إزاء هذه التهديدات، فإنّ «التشكيك» يبقى سيّد الموقف في شارع «تيار المستقبل»، «تشكيكٌ» يطال كلّ الملابسات المحيطة بهذه «التسريبات»، من حيث التوقيت والدلالات على حدّ سواء، وإلى جانبه «توجّسٌ» من «مخططٍ ما» بدأ تنفيذه على الأرض، من خلال «سيناريو» يقول «المستقبليّون» أنه لن ينطلي عليهم.

ويقول أحد نواب «المستقبل» في هذا الإطار أنّه وزملاءه في الكتلة يشعرون في كلّ يوم وفي كلّ لحظة أنّهم «مشاريع شهداء»، باعتبار أنّ شيئًا لم يتغيّر منذ العام 2005 حتى اليوم، وأنّ ما طال زملاءهم يمكن أن يطالهم. وفيما يشير إلى أنّهم «تأقلموا» بشكلٍ أو بآخر مع الإجراءات الاحترازية، التي تبقى الحدّ الأدنى المطلوب، يلفت إلى أنّها تبقى «متفاوتة» بين نائبٍ وآخر، فهي تزداد حدّة بشكل خاص عند أولئك الذين «يرفعون السقف»، فيما يصرّ بعض النواب على مواصلة «حياتهم المعتادة»، مستندين على قاعدة ذهبية تقضي بـ«الاتكال على الله» أولاً وأخيرًا. وعلى الرغم من ذلك، يرى هذا النائب أنّ التسريب الأخير يرسم الكثير من علامات الاستفهام، سواء من حيث التوقيت تزامنًا مع عودة رئيس التيّار سعد الحريري إلى لبنان وإقامته فيه لمدّة زادت كثيراً عن «مراهنات البعض»، أو لجهة الربط بين استهدافهم وبين استهداف بري، «وكأنّ هناك رسالة معيّنة أراد أحدهم إيصالها».

بكلّ الأحوال، سواء كانت التهديدات جدية، أو كان الهدف منها زرع «الرعب» و«التشويش» على أجواء الحوار القائمة في البلاد، فإنّ الردّ عليها لا يمكن أن يكون إلا بتحصين هذه الأجواء، والتأسيس لـ«وحدة وطنية» لا يمكن من دونها العبور لإنجاز الاستحقاقات وتجاوز المحن والأزمات، على أنواعها.