تنكبّ مجموعة «كلنا إرادة» على اجراء تقييم شامل لتجربتها في الانتخابات النيابية الأخيرة، لتفصل بين خيط نجاحها، وخيط اخفاقاتها، وترفع تقاريرها إلى الجهات المانحة بعد توثيق مكامن الدعم المالي الذي تولت تقديمه لبعض اللوائح «التغييرية» مع أنّ عملها التمهيدي شمل كلّ الدوائر تقريباً… إلا أنّ تعدد اللوائح المعارضة أحبط المانحين ما أدى إلى تقليص الميزانية التي رصدت لاستحقاق 2022.
في استعادة لشريط نشوئها، يتبيّن أنّ «كلنا إراة» ولدت في العام 2016 كمجموعة ضغط ضمّت عدداً من المغتربين المهتمين بالشأن اللبناني، وقد شاركت بعيداً عن الأضواء في العديد من النشاطات (الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر سيدر) وعملت على الكثير من المشاريع التشريعية (استقلالية القضاء). وحين اقترب موعد الانتخابات النيابية، وبسبب انضواء بعض أعضائها ضمن مجموعة «نحو الوطن» أيضاً، كان الطرح بحصول الدمج بين المجموعتين، لتشكيل أشبه بماكينة انتخابية تتولى مساعدة كل اللوائح «التغييرية» من باب تعزيز هذا العمل وتفعيله ورفع فرص هؤلاء.
وبالفعل استمرت المفاوضات أكثر من خمسة أشهر إلى أن حصل الدمج على أساس تأليف مجلس إدارة مشترك (سبعة من كلّ مجموعة) فيما كان العضو الخامس عشر مشترك بين الاثنتين. وتمّ انتخاب ألبير كوستانيان رئيساً لمجلس الإدارة التنفيذي، إلى أن قرر عضوان من «نحو الوطن» الانسحاب واستكمال نشاطهما على نحو مستقل.
قبيل تأليف اللوائح والانخراط الجديّ في مستنقع الانتخابات، سعت المجموعة وفق مسؤولين فيها إلى العمل على خطّ المغتربين من خلال تحفيز غير المقيمين على المشاركة في الاستحقاق لأنّ الهدف الأساس هو رفع منسوب الأصوات التغييرية. بعدها تحوّل الاهتمام نحو الداخل مع المجموعات الاعتراضية التي تمّ ابلاغها عن نيّة هؤلاء المغتربين دعمهم ولكن ضمن معايير محددة لاختيار اللوائح: أن يتناول برنامج اللائحة بند استكمال بناء الدولة المدنية، وتوجّهاً اقتصادياً عادلاً اجتماعياً، وتبني سيادة الدولة.
حاولت «كلنا إرادة» أن تيسّر الحوارات بين المجموعات الراغبة في خوض الاستحقاق لا سيما وأنّ العديد منها لا يعرف بعضه البعض. وقد سعت لكي يكون البرنامج السياسي هو معيار الحوار في محاولة لتشكيل جبهة معارضة تتمتع بفرص المنافسة في الاستحقاق. قيام هذه الجبهة كان شرط المانحين الأساس لكي يكون الدعم المالي «سخياً» وقادراً على تأمين معظم مستلزمات المعركة ويغطي كلّ الدوائر.
ولكن بعد اقفال باب تسجيل اللوائح وبسبب التشتت الذي حصل في العديد من الدوائر خفّت حماسة المانحين وانخفضت نسبة الموارد المالية، ما اضطر «كلنا إرادة» إلى تحديد سقف الدعم المالي ووضع معايير لتحديد اللوائح التي يمكنها الاستفادة من هذا الدعم، ومن تلك المعايير، أن تكون لائحة «تغييرية» طبعاً أي أن تضم وجوهاً جديدة (غير النواب المرشحين والحزبيين)، أن تضمّ أكبر مروحة ممكنة من المجموعات «التغييرية»، وأن تتمتع بفرص النجاح.
هكذا، توزّع الدعم عبر «كلنا إرادة» في المجالات الآتية: الحملات الاعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الظهور الاعلامي للمرشحين، الحملات الاعلانية… فيما المستفيد كان عدداً محدداً من اللوائح.
أمّا هوية اللوائح التي تمّ دعمها، وإن بيّنت مجريات المعركة هويتها، فالمسؤولون في «كلنا إرادة» يفضلون ترك الكشف عن هذا الجانب لأصحاب العلاقة خصوصاً وأنّ تلقي الدعم من مجموعات خارجية قد يثير الحساسية في بعض الدوائر، إلّا أنّ مسؤولي المنصة وثّقوا كل المدفوعات التي تمّ تكبّدها وقد رفعت إلى المانحين فور الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي.
اليوم، ستعود «كلنا إرادة» إلى دورها السابق، كمجموعة ضغط تتابع القضايا التي تهمّ اللبنانيين سواء في ما خصّ الخطة الاقتصادية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو قضية انفجار المرفأ، أو الورشة التشريعية الاصلاحية، خصوصاً وأنّه صار للمنصة الكثير من الأصدقاء- النواب.