اعلن امس “حزب الله” وحركة “امل” و”التيار الوطني الحر” لوائحهم الائتلافية المكتملة للانتخابات البلدية في بلدات الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك والمريجة (تضم ايضا الليلكي والتحويطة) وذلك امام حضور كثيف شارك فيه نواب ووزراء سابقون وقياديون من الاطراف الثلاثة وفاعليات من هذه البلدات.
وكان لافتا ان “حزب الله” سمى مرشحَين جديدَين لرئاسة بلديتي الغبيري وبرج البراجنة مما يشي برغبة واضحة لديه في ارضاء المكونات العائلية وعدم حصر الرئاسة بشخص او بعائلة، فيما احتفظ المرشح العوني لرئاسة بلدية حارة حريك زياد واكد بمقعده، وكذلك اعيدت تسمية المربي سمير ابو خليل لرئاسة ثالثة لبلدية المريجة. وتحظى هذه اللوائح الاربع بدعم لا يستهان به من العوائل الاساسية الكبرى فيها إذ روعي في تأليفها تمثيل دقيق للتوازنات العائلية، اضافة الى دعم من احزاب مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهي عوامل من شأنها ان تؤمن لها فوزا كاسحا مضمونا وتقفل ابواب الخرق امام المرشحين المعارضين الذين نجحوا في تسمية لائحة مكتملة في الغبيري (لائحة “الغبيري للجميع”) ولوائح غير مكتملة ومرشحين منفردين في البلدات الثلاث الاخرى.
وتكتسب الانتخابات المحلية في البلدات الاربع اهمية انمائية واجتماعية وسياسية، فهي تشكل ما صار يعرف مجازا ومنذ زمن بعيد بالضاحية الجنوبية لبيروت التي تجاورها وتتداخل معها في كثير من الامور والقضايا، فضلا عن ان هذه البلدات تحتضن بين جنباتها ما يقارب المليون نسمة، وهذا يثبت عمليا انها خزان بشري ضخم يلقي بحضوره على العاصمة على كل المستويات. ويبدو واضحاً ان “حزب الله” يتعامل بارتياح تام وبثقة انعدام المنافس مع هذه الانتخابات في تلك البلدات بعدما ثبت له بالبرهان والتجربة في اول انتخابات محلية جرت بعد اتفاق الطائف عام 1998 انه قادر على الاكتساح، وقد تجلى ذلك في انتخابات بلديتي الغبيري وبرج البراجنة، وأمّن لاحقا بدعم من حليفه “التيار الوطني الحر” حضورا مريحا ومستقرا في بلدية حارة حريك، وكذلك امّن من خلال تأثيره على الحضور الشيعي في المريجة دعما للائحة التي ايدها حليفه “التيار البرتقالي” في هذه البلدة ذات الغالبية المسيحية.
وفي آخر انتخابات بلدية اجريت عام 2010 نجح “حزب الله” في حماية ظهره من خلال التفاهم البلدي الذي نسجه مع حركة “امل”، اذ سمح لها عمليا بتسمية ثلث اعضاء مجلس بلدية الغبيري (7 اعضاء) وثلث اعضاء المجلس البلدي لبرج البراجنة (6 اعضاء) وهو امر وإن بدا شكليا الا انه شكل عامل رضى للحركة بعدما اخفقت في دورتين انتخابيتين سابقتين في إحداث اي خرق للائحتي الحزب.
وعلى المستوى السياسي، نجح الحزب اخيرا ايضا في تظهير تلاق سياسي عزيز بين حليفيه “التيار الوطني” وحركة “امل” خصوصا من خلال الاعلان اول من امس ان الحركة هي شريكة الحزب والتيار في انضاج طبخة تسمية اللوائح للبلديات الاربع تمهيدا لفوزها المضمون.
وعموما يمكن القول ان الحزب افلح في تأمين عملية ديموقراطية آمنة وسلسة في المنطقة التي تشكل معقل حضوره التاريخي والمقر الاساسي لقيادته وامّن ايضا حضورا مميزا في منطقة تشكل جسر تلاق بين العاصمة وقضاء بعبدا احد ابرز اقضية جبل لبنان.
ومن البديهي الاشارة الى ان ثمة مشاكل اجتماعية وانمائية في بلديات الضاحية كونها من المناطق الاكثر اكتظاظا سكانيا، الا ان المجالس البلدية المتتالية فيها حققت خلال الاعوام الـ 18 الماضية انجازات على مستوى البنية التحتية واعادة التنظيم والاستقرار الاجتماعي. لكن ذلك على اهميته يبقى دون المستوى المطلوب.