تؤكد مصادر ديبلوماسية مطلعة ان العلاقات اللبنانية – الخليجية ما بعد زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى كل من الرياض والدوحة لن تكون كما كانت قبلها.
إذ إن هناك بداية لمرحلة جديدة من العلاقات ستعود إلى تمايزها وتعزيزها، وهذا هو المرجو منها. والأمر مرتبط بكيفية إدارة لبنان لخطواته اللاحقة في التعاطي مع الاوضاع الاقليمية والعربية وإلى حد ما الداخلية، أي المواضيع المتصلة بتدخلات «حزب الله» في سوريا والبحرين واليمن، ثم ترقب أداء الجيش اللبناني، وكذلك المواقف اللبنانية الرسمية في المحافل الدولية والعربية.
وأهم ما في الأمر بالنسبة إلى الخليج، ان يبقى لبنان حيادياً ومتوازناً، وعلى مسافة واحدة من كل الأطراف. وكلما أظهر لبنان نفسه في سياسة مستقلة، بحسب المصادر، وملتزمة التضامن العربي، ومبتعداً عن سياسات إيران و«حزب الله» كان أفضل. كما انه من المهم أن لا يذهب لبنان من طرف إلى طرف. على ان الدول الخليجية رحّبت باستعادة لبنان لعمل مؤسساته بعد انتخاب رئيس للجمهورية، ومن الطبيعي ان الدوائر المختصة فيها توقفت عند البيان الوزاري وخطاب القسم. لكن لم يصدر أي تعليق عليها لا علنياً ولا غير علني.
في مدلولات الزيارة، انه بحسب المصادر، يمكن اعتبارها إعادة تأكيد للعلاقات بين لبنان والمملكة وإثبات للعلاقات المميزة والتعاون على مختلف الأصعدة. وكذلك إثبات ان المملكة والدول الخليجية تبارك انتخاب الرئيس ميشال عون وهي في الأساس لم تغرق تاريخياً بين الطوائف والفئات اللبنانية، وهي على مسافة واحدة من الجميع.
كما تدرك الدول الخليجية ان لبنان دولة ذات سيادة ولديها حرية الحركة والموازنة بين السياسات الخارجية. لذلك لن تكون منزعجة من الزيارة المتوقعة للرئيس إلى طهران، لكن ما يهمها ان لا يكون هناك تمييز لجهة أكثر من جهة. ومجرد ان الزيارة الاولى للرئيس كانت إلى المملكة، فهذا يعبّر عن رمزية مهمة بالنسبة إلى الرياض ودول الخليج عامة، وهذا في الوقت نفسه يعني ان هناك تفهماً لزيارة إيران، شرط عدم الذهاب من طرف إلى طرف. مع الإشارة إلى المراقبة الخليجية لزيارة الرئيس لإيران.
العلاقات مع الخليج شئنا أم أبينا، وفقاً للمصادر، مرت بمرحلة من الارتخاء، نظراً لكل التطورات التي نعرفها. لكن زيارة الرئيس مناسبة لاعادة الزخم لها، وهي تقليدياً معروفة، إذ ان بين لبنان والخليج علاقات مميزة. كما ان حجم الوفد الرئاسي يعتبر مؤشراً على عمق العلاقة وانطلاقتها الجديدة.
وسمع الوفد اللبناني خلال الزيارة ما فحواه ضرورة الابتعاد عن صراعات المنطقة، والالتزام لا بل ضرورة الإصرار على سياسة الحياد المتبعة. وفي قضية التدخل في سوريا، الخليج له موقف واضح، فهو يعارض بشدة تدخّل «حزب الله» في سوريا و الدول العربية الأخرى حيث لديه مثل هذا التدخّل.
وتكشف المصادر انه لم يتم التطرّق إلى موضوع الهبة للجيش اللبناني، لا من الجانب اللبناني ولا من غيره. لكن طلب الجانب اللبناني تعيين سفير للمملكة لدى بيروت، ووعد المسؤولون خيراً في القريب العاجل، واتفق على متابعة الزيارات والتواصل لمناقشة كافة المواضيع المطروحة بين الطرفين.
ويهم المملكة فعلياً استقرار لبنان وتعزيز السيادة. وفهمت المصادر من المواقف داخل الاجتماعات ان الهاجس الخليجي يبقى تجاوزات «حزب الله»، وإن لم تتم تسميته مباشرة. والزيارة فهم من نتائجها ان الصفحة الجديدة قد فتحت لكن هناك أسساً معينة أبرزها تعزيز الاستقرار والابتعاد عن الصراعات الاقليمية. فالخليج قال ما لديه، وينتظر الطرف اللبناني. والطرف اللبناني يُنتظر منه أن يكون متوازناً في كل المجالات. لا شيء جرى التوقيع عليه، لكن هناك نشاطات واعدة بين البلدين في المستقبل، ومن الآن وحتى إنجازها يفترض ان يظهر هذا التوازن، وبالتالي تثبيت المواقف.
وتشير المصادر الى ان من بين نتائج الزيارة إعادة تقوية العلاقات الاقتصادية. إذ عندما ابتعد العرب عن لبنان، كانت النتائج سلبية على كل الاصعدة، ولا سيما الاقتصادي منها. ولم تطل هذه النتائج فريقاً دون آخر، إنما الجميع، في وقت يعاني لبنان من ضغوط اقتصادية كبيرة. وما يحصل من استعادة مسار العلاقة المميزة، فاتحة خير، ويعني ان ليس هناك من تخلٍ عن لبنان، لا بل على العكس، وعدم ترك البلد للتوجّه الإيراني.
ومن بين النتائج أيضاً، أن القرار الخليجي اتخذ بتسهيل عودة الخليجيين إلى لبنان للسياحة وللاستثمار.
وأكدت المصادر ان لبنان متضامن مع العرب والخليج، وانه ضد أي تدخل في استقرار دول الخليج، لا بل انه يعيش آلام الخليج والعرب واهتماماتهما ويشاطر الشعوب الشقيقة مواقفها واهتماماتها.
وتشير المصادر الى انه مهما كانت أسباب الانطلاقة الجديدة في العلاقات، فإن لبنان لا يمكن له ان يذهب في اتجاه آخر، غير الاتجاه العربي، كما انه لا يمكنه سوى الابتعاد عن أزمات المنطقة ومشاكلها.