Site icon IMLebanon

العلاقات بالأسد لن تنقذ فرنسا وواشنطن من «داعش»

 

لا يوجد مستحيل في السياسة. لنفرض أن فرنسا أعادت علاقاتها بالرئيس بشار الأسد، متناسية أنه «ديكتاتور يقتل شعبه»، نتيجة للخوف القاتل من «داعش». هل تنتهي الثورة في سوريا أو الحرب المفتوحة فيها؟ وهل تعود سوريا قوة أو رقماً صعباً في معادلات الشرق الاوسط؟

الجواب بسيط وسريع، كلا. سوريا حالة أكثر تعقيداً لحلها باتفاق خارجي مع النظام الأسدي رغم الحاجات الأمنية الأكثر تعقيداً وإلحاحاً. «داعش» لم يعد تنظيماً محصوراً في سوريا والعراق. لقد انتشر وأخذ يجتذب شباباً وحتى فتيات بعضهم لا علاقة له بالإسلام. من المبكر الآن رغم كل الدراسات حول «داعش» وصعوده وانتشاره، والحسم في وضع خريطة متكاملة له لتفسير هذا الصعود الصاروخي لتنظيم «داعش».

عودة فرنسا إلى دمشق، لن ينقذها من «داعش». الأسد «الفنان» في عمليات الاستيراد والتصدير والمقايضة لا يمكنه منع «داعش» من الاختراق، إلا إذا كانت باريس تعتقد بأن الأسد هو القائد الفعلي لـ»داعش». الرئيس هولاند عليه المسارعة في تبرئة الدولة الفرنسية من هذه التهمة العار. فرنسا خاسرة من دون أي ربح ملحوظ.

مشكلة فرنسا أن ضعفها ليس في فرنسوا هولاند، وإنما لأنها بحاجة للقرار الأميركي – الأوبامي الخبيث والقاتل للشعب السوري والمنطقة. باراك أوباما ومعه فرنسوا هولاند، يعرفان بقوة أن ترك السوريين يُحرقون على يد الأسد، أنتج اليأس والاحباط والتسليم بالتطرف. استخدام الأسد السلاح الكيماوي، وخروجه من دون مساءلة ولا عقاب، جعلا السوريين يوقنون أن واشنطن أوباما، لا تريد إسقاط الأسد واستمراره في استخدام البراميل المتفجرة وغاز الكلور زاد يقينهم. لذلك لو قتل المئات من قادة «داعش» فإن الآلاف من اليائسين السوريين والمسلمين في العالم سيرفدون «داعش» بالمقاتلين و«الذبّاحين«. 

أبعد من ذلك، حتى ولو تم القضاء على «داعش» بعدما نُحرت المعارضة المعتدلة مثل «الجيش الحر«، من دون حل عادل فإن تنظيماً أكثر ظلامية ودموية سيخرج من الدمار والأحقاد واليأس، فماذا سيفعل أوباما أو خليفته سواء أكان جمهورياً أم ديموقراطياً، وفرنسوا هولاند سواء بقي رئيساً أو لم يبقَ؟

اليوم الكلفة محدودة. بعد عام أو أكثر ستتضاعف الكلفة على الجميع، خصوصاً وأن كسر الحدود وزرع الرعب لا ينتظر أكثر من قرار ممن ظلاميته تدفعه إلى المزيد من التدمير. ما يساعد على كل ذلك أن:

[ العرب يمرون في مرحلة أخطر عليهم، من المراحل التاريخية التي قوضت ممالكهم، وهم ممزقين ومتناحرين وعاجزين، ولأنهم سقطوا في المذهبية والانحياز إلى القرارات الخارجية.

[ إيران، تملك مشروعاً قومياً يجعلها القوة الإقليمية في المشرق والمغرب معاً وفي البحر المتوسط مروراً بالجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً وصولاً إلى أفغانستان. وهي في سبيل إنجازه بذلت الغالي والرخيص ومعرفتها الدقيقة والبارعة في التنفيذ من دون رحمة ولا رأفة بحلفائها الذين يبذلون أرواحهم ومستقبلهم لها. لذلك كله اضطرت الولايات المتحدة للاعتراف بها والترحيب بالتعاون معها سراً أو علناً.

[تركيا تريد استعادة مجدها «العثماني«، من دون الخروج من تحت «الخيمة» الأميركية. تركيا المترددة بين تنفيذ طموحها والخضوع للقرار الأميركي، ممزقة. تركيا تعرف خطر «داعش» حتى عليها ولكنها تقبل بالتعاون الضمني معه. لا شك أن القرار التركي النهائي بضرب «داعش» أو الاستمرار في التردّد يساهم في تبلور مسارات المنطقة خصوصاً القرار الأميركي النهائي.

يبقى رغم كل الاستقواء الذي تبديه إسرائيل ورغم لعب دور «البحصة» التي تسند خابية بقاء الأسد، قلقة من تمدّد «داعش». قرارها النهائي مؤجّل ومعلّق على جملة تطورات داخلية وخارجية معاً.

أمام هذه الخريطة الفسيفسائية السريعة، يجب التعلّق بالأمل لأن الحل لن يتشكّل قبل نهاية عهد أوباما وحتى هولاند سلماً أو حرباً.

تأتي وفود وتذهب وفود، والحرب ستستمر، والآتي أعظم لأنه سيصيب أوروبا ومنها فرنسا، وصولاً إلى واشنطن ولن يبكي السوريون ولا العراقيون من بللهم، وهُم الغرقى.