Site icon IMLebanon

علاقة بكركي وحزب الله في مدار التحوّلات والأحداث.. والوطني الحرّ «في الوسط»

 

 

لم يعد مسار العلاقة منذ العام الماضي يشبه نفسه بين بكركي وحزب الله ولعلها المرة الأولى بعد خطاب البطريرك بشارة الراعي «غير المسبوق» التي تدخل فيها العلاقة «عن جد» مدار اللاعودة الى ما كانت عليه على خلفية الدعوات المتكررة من بكركي للحياد والدعوة لمؤتمر دولي وغمز بكركي من طرف سلاح حزب الله والتدخل الإيراني في الشأن اللبناني، بعد ان سعت بكركي في ما مضى للحفاظ على علاقة مستقرة مع حزب الله وعدم توتير الأجواء مع أي فريق سياسي وعلى إقامة توازن في علاقاتها السياسية.

 

لكن الأزمات الحادة التي حصلت في السنتين الأخيرتين أطاحت بمساعي التهدئة، حيث تؤكد مصادر مسيحية ان العلاقة بقيت تحت السيطرة بعد ان مرت في محطات صعبة وخضعت لاختبارات سياسية مختلفة، فعندما تسلم الكاردينال الراعي كرسي البطريركية خلفا للكاردينال الراحل نصرالله صفير عول كثيرون على مقاربة مختلفة من جهة بكركي تجاه حزب الله وعلى تبدل في المقاربة المسيحية من جهة الصرح تجاه مسائل متوترة بين بكركي وحزب الله وتحديدا حول السلاح، خصوصا ان العلاقة بدت متمايزة في تلك المرحلة بين الراعي وفريق حزب الله، حيث كانت الزيارات دورية والاتصالات قائمة بين الضاحية وبكركي من خلال شخصيات مشتركة تتولى مهام التواصل بينهما، وقد حضر وفد رسمي من الحزب إحتفال تنصيب الراعي، وكان سبقه إلي بكركي السفير السوري علي عبد الكريم الذي كان في طليعة المهنئين لسيد بكركي المنتخب وقوى سياسية كانت بعيدة عن بكركي في الماضي اذ فتحت ابواب الصرح الى كل التلاوين والقوى السياسية المصنفة في خانة الخصومة التقليدية مع بكركي.

 

الصورة الايجابية بين الراعي وحزب الله تغيرت معالمها على وقع التحولات والمتغيرات ليتبين ان الراعي وبحسب المصادر، لم يتمكن من المحافظة على الصفحة المختلفة مع حزب الله نتيجة الأحداث والوضع الذي انزلق اليه لبنان منذ 17 تشرين حيث تعتبر بكركي ان المسيحيين هم فقط من يدفع ثمن وجود السلاح في يد فئة من اللبنانيين في ظل الحصار والعقوبات وقد أتى تدمير بيروت ليزيد مساحة الافتراق.

 

ووفق المصادر المسيحية، فان نهج الراعي لم يختلف اليوم عما كان بالأمس، لكن الراعي تميز بالدبلوماسية في الماضي أكثر من البطاركة الذين سبقوه، كما تؤكد المصادر ان ليس هناك تبدلا جوهريا في المواقف من جهة بكركي، لكن قراءة مغايرة تبعا للتحولات، فالعودة الى ارشيف مواقف صاحب الغبطة تظهر ان مواقفه من السلاح هي نفسها ولكنها صارت أكثر حدة ودخلت في مرحلة الحسم ربطا بما يحصل من أحداث وحصار أميركي وعقوبات وانهيار، اذ تعتبر بكركي ان هناك مخاطر تهدد الكيان اللبناني وان الحل الوحيد المتاح هو في الذهاب الى مؤتمر دولي وعدم دخول لبنان صراعات سياسية وحروبا اقليمية ومنع التدخل بشؤونه وتعزيز الدولة القوية بجيشها ومؤسساتها لتدافع عن نفسها ضد اي اعتداء.

 

انعكاسات خطاب بكركي اختلفت لدى الأفرقاء حيث بدا واضحا ان حزب الله يتمسك برفض التدويل لأنه لا يحل الأزمة اللبنانية وحيث بدا واضحا ان حزب الله حتى الساعة يتحاشى الدخول في مواجهة مباشرة و في سجالات مع بكركي لاعتبارات خاصة من منطلق حرصه على عدم التصعيد وأخذ الأمور نحو المواجهة بين طائفة وأخرى وحرصا على مكانة ومرجعية بكركي الدينية.

 

خطاب الراعي اصاب ايضا التيار الوطني الحر كونه حليفا اساسيا لحزب الله، فهو كما تقول مصادر سياسية محرج سياسيا إزاء الخطاب العالي السقف لبكركي الوجه ضد حزب الله، فالاصطفاف الى جانب حزب الله بعد ما قاله الراعي محرج للتيار الوطني الحر شعبويا، حيث من الصعب ان يصطف حزب سياسي ضد مرجعيته الدينية، كما ان مسايرة بكركي في التصعيد والتأييد العشوائي لخطابها مربك للتفاهمات السياسية مع حزب الله خصوصا ان الظروف لا تبدو لمصلحة العهد وفريقه السياسي، وسبق ان تعرضت للعلاقة مع الصرح لتباينات بعد المذكرة التي وجهها رئيس التيار الوطني الحر الى الفاتيكان من دون علم بكركي، مما استدعى قيام وفد من ميرنا الشالوحي بزيارة الى بكركي لشرح ملابسات المذكرة التي تضمنت مخاوف من التوطين وتداعيات النزوح السوري على الساحة اللبنانية.

 

بالنسبة الى التيار الوطني الحر فهناك من يعمل في الوسط المسيحي لدق إسفين في العلاقة بين العهد وبكركي من جهة، وبين التيار الوطني الحر وحزب الله من جهة، وشيطنة علاقة التيار والعهد مع الجميع وفق المقربين من التيار الوطني الحر، فالتوافق قائم مع بكركي على ضرورة الخروج من النفق والأزمة وحول الرأي بالذهاب الى مؤتمروقد طلب البطريرك بشارة الراعي من الوفد الذي التقاه قبل فترة تدوين ملاحظات تماما كما فعل مع حزب القوات مع تفهم التيار لمنطلقات بكركي في خطابها بعد ان اصطدمت الأمور بالحائط المسدود لتأليف الحكومة والتعاطي مع الأزمات.