يرتقب أن يصار خلال الأيام القليلة المقبلة إلى عقد لقاءات رئاسية، بمعنى أن يزور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعد الفتور الذي اعترى علاقتهما على خلفية موقف وزارة الخارجية من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وبناءً على ذلك، فإن المسألة بين عين التينة والعهد باتت شبه محلولة، بعدما دخل حلفاء الطرفين في حلحلة الأزمة التي كادت تتفاعل بعد موقف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب.
وثمة معطيات ومعلومات في هذا السياق، تؤكد أن موقفاً رسمياً قد يصدر حيال ما يجري في روسيا وأوكرانيا، في ضوء ما ستؤول إليه العمليات العسكرية، وتحديداً المواقف الدولية في حال تطوّرت العمليات الميدانية، ولهذه الغاية، فإن لبنان يسعى لعدم “كسر الجرّة” مع المجتمع الدولي، وبالتالي الحفاظ على العلاقة مع موسكو، باعتبار أن هناك مصالح مشتركة بين لبنان وروسيا.
وتُفيد المعلومات، بأن أكثر من اتصال جرى مع الخارجية الروسية، بما في ذلك رسالة شفوية سيحملها مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد إلى المسؤولين الروس، وتحديداً لكل من وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، تؤكد على عمق العلاقات بين بيروت وموسكو، في حين أن اتصالات جرت بين الخارجية اللبنانية والسفارة اللبنانية في موسكو بهدف تنقية الأجواء ووضع المسؤولين الروس في ما قصده الوزير بو حبيب في هذا السياق. وعلى هذه الخلفية، جاء لقاء السفير اللبناني في روسيا شوقي بو نصار مع بوغدانوف، وينقل بحسب المطلعين على الأجواء بأنه كان إيجابياً.
من هذا المنطلق، فإن ما يجري اليوم على خط الديبلوماسية اللبنانية والدول العربية والغربية، بات يطرح تساؤلات عدة حول غياب التنسيق بين المعنيين والهوّة العميقة بين مكوّنات الحكومة اللبنانية، بمعنى أن هناك تباينات سياسية كبيرة تنعكس على الموقف الرسمي لوزارة الخارجية، الأمر الذي يؤدي إلى أزمات تفاعلت في الآونة الأخيرة، ولذلك، من غير المستبعد وكما تؤكد المعلومات، أن تكون اللقاءات التي ستحصل خلال الأيام القليلة المقبلة على خط بعبدا ـ عين التينة ـ السراي محاولة لتنقية الأجواء، ومن ثم الشروع في عدم إطلاق أي مواقف حول هذه الأزمة وتلك قبل التشاور بين المعنيين.
وعلى صعيد العلاقة الروسية ـ اللبنانية، فإن المعلومات تشير إلى أن المؤتمر الصحافي الذي عقده السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، حمل أكثر من دلالة ورسالة، بمعنى أنه أكد على العلاقات الطيبة بين بلاده ولبنان، وفي الوقت عينه، كانت هناك انتقادات لاذعة تحمل الكثير من علامات الإستفهام لمستقبل هذه العلاقة، وكلّ ذلك قابل للتأويل بانتظار الأيام المقبلة، بحيث وعلى ضوء ذلك، سيبنى على الشيء مقتضاه حيال ما يمكن أن تؤدّي إليه الأزمات في المنطقة، وتحديداً كيف سيكون الموقف الدولي في حال حُسمت الحرب في أوكرانيا أو حتى إذا لم تُحسَم، وعندها ستتوضّح مشهدية ما ستكون عليه الأوضاع في لبنان، بمعنى أن هذه الحرب أفرزت اصطفافات سياسية جديدة، وعمّقت من حالة الإنقسام بين سائر المكوّنات اللبنانية، والأمور مرشّحة لمزيد من التصعيد والإنقسام، في ظل هذه البلبلة الديبلوماسية الرسمية، والتي باتت موضع تساؤل من قبل أكثر من دولة عربية وغربية معنية بالشأن اللبناني، الأمر الذي لم يسبق أن حصل في مرحلة الحرب اللبنانية. من هنا، فإن الأيام المقبلة ستكون مفصلية بحيث سيكون لهذه الحرب الروسية ـ الأوكرانية ارتدادات على لبنان في السياسة والأمن والإقتصاد.