قد لا يكون قانون الإنتخاب الجديد هو القانون المثالي الذي يطمح إليه اللبنانيون، لكنه يبقى نقطة الفصل التي طوت صفحة الإنقسام والضغط والتوتّر السياسي التي عاشها لبنان خلال المرحلة الماضية. وفي الوقت الذي بدأت ترد إلى السلطة ردود فعل خارجية مرحّبة بإقرار القانون بالأمس في مجلس النواب، فإن أطرافاً داخلية ما زالت ترى فيه شوائب وثغرات ليس أقلّها الغموض الذي يطبع أهم البنود فيه. وبرأي هذه الأطراف، فإن اللبنانيين ناخبين ومسؤولين يحتاجون إلى أكثر من عام لكي يتمكنوا من التعامل مع القانون بسهولة، كما تعاملوا مع قانون الستين في الفترات الماضية. واللافت بحسب هذه الأطراف، أن ردود الفعل الداخلية لم تلتقِ مع الإرتياح العام الذي تظهّر في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب أكثر من مشهد اعتراضي تم التداول به بالأمس خلال إقرار القانون في ساحة النجمة.
لكن هذه الإعتراضات في الشارع، لن تؤثّر على مسار القانون الذي سلك طريقه نحو التنفيذ، وأرسى معادلة إنتخابية جديدة أنهت قانون ألـ60، وافتتح عهد «النسبية»، وبالتالي، تطبيق ما ورد في اتفاق الطائف على هذا الصعيد. وفي هذا المجال، لاحظت مصادر دستورية، أن الحديث عن ثغرات وشوائب في القانون الجديد، لن يؤدي في المدى المنظور إلى أي طعن به، على الأقل قبل الذهاب نحو تطبيقه للمرة الأولى. وإذ اعتبرت أنه يشبه في بعض وجوهه قانون ألـ60، كشفت أن أسباب الطعن به غير متوافرة. وأوضحت أن عاملين أساسيين يؤثّران في أي قانون انتخاب جديد لا سيما لجهة اعتباره قابلاً للطعن، وهما غياب المساواة في القيمة الإقتراعية لأصوات الناخبين، كما عدم تأمين وحدة المعايير في الدوائر الإنتخابية.
وقالت المصادر، أن السرعة في إقرار القانون هي المسؤولة عن بعض الضبابية فيه، لكنها رأت أن تخصيص الوقت الكافي لإنضاجه ولتفسيره وتدريب الناخبين كما الموظفين على آلياته، سيفسح المجال أمام تطبيق مريح لبنوده. وأكدت أن هذا الأمر يتطلّب الكثير من الجهود من قبل الحكومة، كما من وزارة الداخلية، وصولاً إلى الأحزاب والتيارات السياسية المشاركة في الإستحقاق الإنتخابي، وبالتالي، كل الطامحين للترشّح إلى المجلس النيابي في العام المقبل.
وبحسب المصادر الدستورية نفسها، فإن القدرة على توقّع النتائج بشكل مسبق، كما كان يحصل في الإنتخابات النيابية الماضية، تبدو معدومة اليوم إلا بالنسبة لفريق أو فريقين سياسيين. وأوضحت أن هذه المعطيات قد دفعت الأحزاب إلى استنفار «إداري» أولاً وقانوني ثانياً، تهدف إلى مواكبة عملية احتساب أصوات المقترعين من خلال الإحصاءات التي ستجرى بحسب تقسيمات الدوائر الإنتخابية وفق القانون الجديد. وأكدت أن عملية استشراف نتائج الإنتخابات هي هدف كل جهة سياسية اليوم، ولكن من دون أن تكون لدى أي جهة الخبرة اللازمة لإدارة الإستحقاق الإنتخابي، لأن التحدي الأكبر اليوم يتمحور حول امتلاك فريق سياسي محترف ومتخصّص لإدارة عملية الاقتراع عندما يحين الموعد المنشود.