رئيس المجلس يستمد قوته من تكتل سياسي عريض
فرض انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة، أجواء تفاؤل في البلاد من المفترض ان تستكمل مع تشكيل الحكومة اللبنانية.
واذا كانت بعض التحليلات تشير الى ان هذا التشكيل بات قريبا، حتى ذهب البعض الى وضع تواريخ قريبة كعيد الاستقلال في 22 الشهر الحالي، يلفت آخرون النظر الى ان ذلك الامر دونه بعض الصعوبات المرهونة بقدرة الحريري على تذليلها، ومنها مطالب كتل وازنة أبرزها «كتلة التنمية والتحرير».
وبطبيعة الحال، فان الرئيس نبيه بري، ينطلق في مقاربته للموضوع الحكومي، وفق المتابعين، «من موقع قوة وليس من موقع ضعف في معركة إثبات وجوده، وهو وضع خريطة طريق دقيقة لا تحرق المراحل، بل تواجه كل موقف بالآلية التي تجب مواجهته بها».
العنوان الأهم الذي ينطلق منه رئيس المجلس يتمثل في «كونه يُعتبر شريكا أساسيا في الحكم لا يمكن تجاوزه». هذا الامر يعني ان انتخاب رئيس للجمهورية بغير رضا بري، لا يعني ان الأخير قد خرج خاسرا من المعركة.
ويقول المتابعون لمواقف رئيس المجلس انه قارب انتخاب عون من موقعه كرجل دولة، وكان اول ما فعله هو سعيه لتأمين اكتمال نصاب الجلسة، اذ كان بمقدور معارضي عون تكريس واقع الفراغ الرئاسي عبر تكتل بزعامة بري، والتمترس خلف الأوراق البيضاء لمنع انتخاب عون.
ويشير المتابعون الى ان بري كان قادرا على ذلك عبر قيادته «ذلك الائتلاف النيابي العريض»، وكان عون سيصطدم بالاوراق الـ44 التي كان من شأنها ان تحرمه من الرئاسة، وهي «تسليفة» شملت الدورات الانتخابية الأربع، حسب هؤلاء.
هي رسالة إيجابية أرسلها رئيس المجلس، تلتها رسالة لا تقل أهمية عبر تسمية «كتلة التحرير والتنمية» للحريري لترؤس الحكومة.
جاء ذلك برغم «الطعنة» التي تلقاها بري من سعد الحريري الذي أبرم تفاهما ثنائيا مع الرئيس المقبل للجمهورية من دون مشاورة بري، وذلك خلافا للتفاهم القائم بينهما.
لكن موقف عين التينة المساند للحريري «ظالما أم مظلوما» ليس «شيكا على بياض»، اذ إن على الحريري تسديد الدين لرئيس المجلس وملاقاته في منتصف الطريق.
هنا بالذات، ثمة تساؤلات تطرح بجدية حول قدرة الحريري، ناهيك عن رغبته في ملاقاة بري، والواقع ان ثمة مطالب يطرحها بري يقع على رأسها التوصل الى قانون انتخابي وفق النسبية، وهو الامر الذي يرفضه الحريري، لأنه يؤدي الى خسارته عددا غير قليل من المقاعد النيابية لمصلحة خصومه السياسيين، وبالتالي، يفضل الحريري اجراء الانتخابات وفق قانون الستين.
ويتمثل المطلب الثاني لبري في تعهد الحريري اجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، أي في شهر أيار المقبل. ويبرز السؤال هنا، كيف سيقبل الحريري اجراء الانتخابات في موعدها اذا كان متعذرا التفاهم على القانون الذي ستجرى الانتخابات على أساسه؟
ويلفت المتابعون النظر الى ان بري ينتظر ما سيقدمه الحريري للتحالف العريض الذي يمثله، وزارياً. وهو امر بالغ الأهمية، ذلك ان على الحريري التعامل بجدية مع مطالبه على أساس الشراكة.
ولكن ماذا لو لم تؤخذ مطالب بري بالحسبان؟ وهل هو جدي في الانتقال الى صفوف المعارضة؟
«الامور مرهونة بالاجابات التي سيقدمها الحريري» يقول المقربون من رئيس المجلس، أي أن الكرة في ملعب الحريري وهو الحريص على انطلاقة قوية لحكومته تلحظ تمثيلا شيعيا وازنا، في ظل اسئلة من نوع «هل يستطيع العهد الانطلاق بقوة في حكومة من دون وزراء حركة أمل، أي من دون وزراء «حزب الله» في ظل التفويض الذي منحه السيد حسن نصرالله في خطابه، أمس، لبري بتمثيل «الثنائي الشيعي» في المفاوضات الحكومية؟
واذا كان بري على استعداد تام للانتقال الى صفوف المعارضة، حسب المتابعين، فإنه ينتظر اجابات الحريري على مطالبه بعد «الدفعة الكبيرة التي قدمها الى العهد كما الى الحريري الذي وصل في شبه اجماع الى رئاسة الحكومة». ولسان حاله: «إنهم إذا أرادوا التعاون فإني سأتعاون، وإذا أرادوا ان أكون في المعارضة، فإن نبيه بري لها».