IMLebanon

قوانين نسبية بدائية عرفها لبنان من المتصرفية حتى الإنتداب

قوانين نسبية بدائية عرفها لبنان من المتصرفية حتى الإنتداب

قانون الـ 2017 ليس النسبي الأول وقد لا يكون الأخير

 

 

يمكن القول أن لبنان جرب كل أنواع قوانين الانتخاب على أساس النظام الأكثري وحتى النظام النسبي البسيط أيضاً، ويمكن القول أن قانون النسبية البسيطة كان الأكثر عدالة برغم بدائيته وتجربيته من كل القوانين التي عرفها لبنان حتى 2018، ففي نظام المتصرفية كان مجلس إدارة جبل لبنان ينتخب من قبل شيوخ الصلح في القرى فعدّل عام 1912 فصار ينتخب من قبل شيوخ القرى الذين يضاف إليهم في القرى التي تعد مائة مكلف وأكثر، مندوب واحد عن كل مائة مكلف، وفي زحلة بنسبة واحد إلى خمسين مكلفاً، وفي عهد الانتداب الفرنسي أصدرت السلطات الانتدابية عام 1922 قانون انتخاب جديداً، دعت بموجبه الناخبين لانتخاب مجلس تمثيلي من ثلاثين عضواً يمثلون المناطق والطوائف على أساس المحافظات والبلديات الممتازة، أما طريقة انتخاب هذا المجلس فكانت تتم على مرحلتين:

الأولى: انتخاب مندوبين ثانويين بحيث يمثل كل 250 ناخباً مندوب واحد.

الثانية: ينتخب المندوبون الثانويون أعضاء المجلس.

استمر هذا المجلس حتى العام 1925. حيث عين شهر تموز موعداً لإجراء الانتخابات لعضوية المجلس التمثيلي الثاني. وخلال المدة الفاصلة بين عامي 1922 و1925، كان قد جرى تغيير ثلاثة مندوبين ساميين. ففي أواخر العام 1922 أقيل الجنرال غورو وعين مكانه الجنرال ويغان وفي العام 1924، حملت الانتخابات التشريعية الفرنسية كتلة اليسار المؤلفة من الحزب الاشتراكي والراديكاليين اليساريين وحلفائهما إلى السلطة، وطال هذا التغيير المندوب السامي في لبنان فجاء في العام 1925 الجنرال سارايل مكان الجنرال ويغان.

حل الجنرال سارايل المجلس التمثيلي ودعا إلى انتخابات جديدة في شهر تموز، أسفرت بفعل تدخل السلطات الانتدابية إلى نجاح جميع لوائحها في المناطق اللبنانية، باستثناء محافظة بيروت حيث نشبت معركة عنيفة بين لائحة الانتداب ولائحة المعارضة، فكانت اللائحة الأولى بزعامة إميل إده والثانية بزعامة جورج ثابت ولكل أعوانه ومريدوه. إلا أن اللائحة الثانية، كانت تضم عناصر قوية ومحترمة ومحبوبة عند البيروتيين، فالسنيان كانا عمر الداعوق وعمر بيهم، والأرثوذكسي بترو طراد، ومرشح الأقليات ميشال شيحا. وبالرغم من الدعم الذي قدمته سلطات الانتداب للائحة الأولى، إلا أن لائحة «العمرين القمرين» هي التي فازت، ليكون لبنان أمام مرحلة جديدة بدءاً من أيار 1926.

بعد وضع الدستور عام 1926 صار ينتخب ثلثا أعضاء مجلس النواب، وتعين سلطات الانتداب الفرنسي الثلث علماً ان الدستور لحظ حين وضعه في أيّار 1926 وجود مجلسين: واحد للنواب وآخر للشيوخ مؤلف من 16 شيخاً، لكنه لم يعش أكثر من عام بسبب التوتر الشديد الذي قام بين المجلسين، فكان ان تمّ حل مجلس الشيوخ وضمه إلى مجلس النواب.

وإذا كان عدد أعضاء مجلس النواب بين 1926 و1936، يختلف في كل دورة عن الآخر، مع ثابت وحيد باستمرار هو تعيين ثلث أعضاء المجلس، إلَّا مجلس نواب 1936 لم يعش طويلاً، إذ ما أن أُعلنت الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول 1939، حتى علق المفوض السامي الدستور، وحل مجلس النواب. وفي العام 1941، أعلنت حكومة «فرنسا الحرة» بزعامة شارل ديغول إلغاء الانتداب، واعترفت باستقلال لبنان، وضمنت حليفتها بريطانيا هذا الاعلان، لكن بذريعة الخطر الألماني الذي كان يهدد منطقة الشرق الاوسط لم يوضع هذا الإعلان موضع التنفيذ، وبزوال هذا الخطر في العام 1943، سمحت الدولتان (فرنسا وبريطانيا) بعودة الحياة الدستورية، لأن الدستور ينص على تعيين ثلث أعضاء المجلس النيابي، وأمام الرفض الشعبي لهذا التعيين، تقرر أن يكون جميع أعضاء المجلس النيابي منتخبين، بيد أنه تبين أن هناك مشكلة دستورية لحل هذه الإشكالية، إذ أن المجلس النيابي لم يعد قائماً لإجراء التعديل الدستوري اللازم، فوجد السياسيون أنفسهم أمام إشكال دستوري صعب الحل، وأخيراً اهتدى البعض الى الفتوى الدستورية اللازمة، وهي أن يستعمل المندوب السامي الفرنسي صلاحياته، كما في السابق، ويجري التعديل المطلوب، وفعلاً أصدر المندوب السامي في 18 آذار 1943 قراراً حمل الرقم 129، ونص على أمرين:

1- فك الدستور من عقاله، بعد تعليق استمر نحو أربع سنوات.

2- تعديل المواد 24 و30 و41 و43، وكان أهم مواضيع تناولها التعديل:

– إلغاء مبدأ التعيين في المجلس النيابي.

– وجوب انتخاب النواب جميعاً انتخاباً مباشراً من الشعب.

– جعل عدد أعضاء المجلس النيابي 55 نائباً ينتخبون على أساس المحافظات الخمس، ويفوز في الدورة الأولى من يحصل على الأكثرية المطلقة من أصوات المقترعين، أي النصف وما فوق، على أن يخضع من نال أكثرية الأصوات من الفاشلين لدورة اقتراع ثانية، (بالو تاج)، حيث يفوز من ينال كمية أصوات أكثر.

وبأي حال، منذ الحكومة الاستقلالية الاولى برئاسة رياض الصلح عام 1943، كان الوعد بقانون انتخاب يعبر فعلا عن تطلعات اللبنانيين، ولم يزل.

هكذا جاء قانون عام 2017 فيه نسبية واسعة لكن وفق تقسيم دوائر انتخابية فصلت بمقاييس مختلفة لا تساوي بين اللبنانيين وبحاصل انتخابي مختلف بين دائرة واخرى فلا ساوى بين المواطنين ولا بين المرشحين ، بالاضافة الى كثير من تفاصيل التلاعب بالعملية الانتخابية من قبل السلطة، مما شوه أهم قانون انتخابي عرفه لبنان.