شكّل المناخ الدولي الضاغط على المؤسّسات الدستورية لإنجاز قانون الإنتخاب الدافع الأساسي وراء سباق اللحظة الأخيرة الذي يكاد يصل إلى محطة النهاية في الساعات الـ48 المقبلة. وقد لفتت أوساط ديبلوماسية مطّلعة، إلى أن أكثر من طلب، وليس نصيحة، قد تلقتها دوائر ديبلوماسية وسياسية لبنانية، ركّز على وجوب تفادي الإنزلاق إلى تمديد ثالث للمجلس النيابي، والسير باتجاه تراجع الديموقراطية في المؤسّسات اللبنانية، وبالتالي انهيار دولة المؤسّسات، وذلك في حال عدم إجراء الإنتخابات النيابية. وشبّهت هذه الأوساط المناخ الدولي السائد اليوم بالمناخ الذي ساد قبل أشهر من الإنتخابات البلدية في العام الماضي، حيث شكّلت الضغوطات الأوروبية خصوصاً سبباً مباشراً لحصول الإنتخابات، رغم كل ما جرى الحديث عنه في ذلك الوقت من عقبات وعراقيل سياسية وإدارية وميدانية. وبرأي الأوساط نفسها، فإن الأخطار المتمثّلة في حال فشل الإتفاق اليوم على إنجاز صياغة مشروع قانون الإنتخاب، هي أخطار لا تُعرف حدودها ولا تُختصر بنقمة شعبية أو تراجع صورة الدولة في الخارج، بل تتخطى ذلك إلى إطلاق مسار جديد من الإحتجاجات والإعتراضات على كل المستويات على المؤسّسات الدستورية التي تعجز عن القيام بمهامها على كل المستويات، وبالتالي، انحدار لبنان إلى صورة الدولة الفاشلة ديموقراطياً.
وفي هذا الإطار، فإن الإسراع في إنجاز القانون من قبل السلطة السياسية، يهدف إلى إنقاذ الإستحقاق النيابي وإنقاذ لبنان قبل أي هدف آخر، كما أضافت الأوساط نفسها، التي أكدت أن الإنغماس في تفاصيل «النسبية» سيتوقّف في الفترة الحالية على الأقلّ، وذلك لتسهيل عملية إقرار مشروع القانون في الحكومة، وذلك بعدما تبيّن لكل المعنيين بأن استمرار التفاوض سيؤدي إلى الجدار المسدود، مما يجعلهم أمام خيار وحيد وهو حسم الخلافات المرتبطة بالتفاصيل، والتي تتّصل بشكل مباشر بحجم المكاسب التي يسعون إلى تحقيقها من خلال صيغة القانون الذي ستجري على أساسه الإنتخابات النيابية المقبلة.
لكن هذا الواقع، لا يعني أن النقاش في جلسة الوزراء الذي سيتركّز على المشروع المذكور سيكون سهلاً، أو أن الإقرار سيتم سريعاً، إذ كشفت الأوساط أن الوزراء سيبحثون بشكل مفصّل في القانون الإنتخابي قبل أن يوافقوا عليه، مع العلم أن أكثر من وزير يتحدّث في مجالسه الخاصة عن حذر من إمكان الوصول إلى الفشل في أي لحظة. كذلك أكدت الأوساط الديبلوماسية نفسها، أن الضغوطات الدولية هي التي ستؤدي إلى إقرار القانون ضمن مادة وحيدة في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب، لافتة إلى أن بنود القانون وحيثياته لن تظهر بشكل واضح بالنسبة إلى العديد من المسؤولين، كما للمواطنين، إلا بعد تطبيق النسبية في الإستحقاق الإنتخابي المقبل، لأنه، وعلى ضوء نتائج هذه الإنتخابات، ستتظهّر الجوانب الإيجابية كما السلبية للقانون الجديد. وقالت أنه خلافاً لكل ما يتم تداوله عن التحوّل الذي ستشهده عملية التمثيل السياسي لكل شرائح المجتمع لدى اعتماد قانون النسبية، فإن الواقع الوحيد المتغيّر يتمحور حول تغيير طبيعة صيغة «المحادل» الإنتخابية، ولكن من دون إلغائها، كون هذه الآلية ستتكرّر وتتكرّس في القانون الجديد.