IMLebanon

الحرب تؤازر أصحاب العمل في خنق العمّال

 

الدولة التي لم تتحمل مسؤولية إغاثة النازحين من القرى الحدودية طوال سنة من الحرب، ولم تحرك ساكناً أمام خسارتهم أعمالهم ومصدر رزقهم، وتركت النازحين أياماً في الشوارع بلا مأوى، ولم تنجح حتى الآن في توزيع المساعدات عليهم بعد شهر ونصف شهر على الحرب… لم يكن متوقعاً أن تقدم على ما يدعم عشرات الآلاف من العمال المتضررين من الحرب في القطاع الخاص والاقتصاد غير المنظّم، من عمّال بناء ومزارعين وأجراء في الأسواق التجارية والمطاعم والمحالّ، وأصحاب المهن الحرة في مختلف القطاعات، أو تعويض خسارة من احترقت محاصيلهم وتضرّرت مصالحهم وتعطلت أعمالهم قسراً.

وما يزيد من مأسوية وضع العمال أنّ غالبيتهم الساحقة نزحت من الأرياف والقرى البعيدة والضاحية الجنوبية «وهم من الفئات الأكثر هشاشة، إذ لا يتمتعون بحماية اجتماعية ويعملون في الاقتصاد غير الشرعي، وقسم كبير منهم نساء وعمال أجانب ولاجئون سوريون»، بحسب رئيس «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان» كاسترو عبد الله. ويلفت الأخير إلى «استغلال عدد من أصحاب العمل الأزمة لتسريح عمّال أو تقليص رواتبهم تعسفياً بحجة الانقطاع عن العمل، وفي أحسن الأحوال حسموا أعطالهم القسرية من الإجازات السنوية. كما أرسل بعض أرباب العمل إنذارات إلى العمال والمستخدمين للحضور إلى عملهم، رغم معرفتهم بنزوحهم إلى أماكن بعيدة، ونقلت مؤسسات خاصة عملها إلى مناطق أكثر أمناً وفرضت على العاملين الالتحاق بها تحت طائلة الصرف». فعلى سبيل المثال، أجبر محل لبيع الألبسة في برج البراجنة موظفيه على الحضور إلى فرعه الثاني في بشامون رغم أنه لدى توظيفهم اشترط أن يكون سكنهم قريباً من مكان العمل في برج البراجنة لتوفير بدل النقل.

لذلك، تقدّم «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» إلى مجلس الوزراء ووزارة العمل في دائرة جبل لبنان الشمالي قبل أسبوع بطلب إصدار مرسومين، «الأول يتعلق بإنشاء صندوق دعم وتعويضات للعمال عن التوقف القسري عن العمل، يموّل من الهبات الدولية التي أقرّت لمساعدة لبنان في مؤتمر باريس. والثاني لتمديد المهل الزمنية القانونية لتسجيل الشكاوى في مجالس العمل التحكيمية بشكل يتيح للمتضررين الحفاظ على حقوقهم في ظلّ تعطيل المحاكم ومكاتب وزارة العمل في عدّة محافظات، وإيعاز وزارة العمل بالتوجه إلى قصور العدل في زحلة وطربلس وجونية، علما أن النازح الذي يتحمّل تبعات الحرب سيتخلّى عن حقه، ولن يقطع مسافات طويلة ويتكبد تكاليف النقل»، كما يقول عبد الله، مؤكداً «أننا سنضغط على الحكومة لإقرار المرسومين، ولو تطلّب الأمر تنظيم اعتصام أمام السرايا الحكومية، وسنطلب من منظمة العمل الدولية الضغط على الأمم المتحدة والجهات المانحة من أجل استفادة القوى العاملة من الدعم الدولي».

 

إنذارات لعمال للحضور إلى أعمالهم رغم نزوحهم إلى أماكن بعيدة

 

ولإحصاء أعداد العمال المتضررين من الحرب، «أطلقنا تطبيقاً لهؤلاء العمال لتعبئة استمارات، وبعد ساعات من إطلاقه سجل 653 عاملاً بياناتهم».

ولكن، كيف يمكن الوصول إلى عمال معظمهم غير مسجلين في الضمان الاجتماعي والتأكد من استحقاقهم المساعدة؟ يجيب عبد الله بـ«أننا سنستعين لذلك بالسلطات المحلية من مخاتير ومجالس بلدية للتأكد من صحة بيانات المسجلين، من دون أن يمنع ذلك حصول بعض الثغرات». وتبقى متابعة الآثار الاقتصادية للحرب مع الجهات الحكومية والدولية وأصحاب العمل مسألة مهمة، ليس لتخفيف الأعباء المادية عن النازحين وتعزيز صمودهم خلال الحرب فحسب بل لما تحمله هذه الحرب من تبعات طويلة الأمد تستمر بعد وقف إطلاق النار، وترتبط بإعادة إعمار المؤسسات الاقتصادية وتأهيل الأراضي الزراعية وتعويض الخسائر.