اثارت معركة الاشرفية وخوض حزبي القوات والكتائب استياء لدى مرجعيات دينية اورثوذكسية، ويبدو ان القوات والكتائب وخصوصا الدكتور سمير جعجع يريد ابعاد النائبة نائلة تويني عن لائحة الاشرفية، وان لا تكون ضمن لائحة القوات حيث وضع «فيتو» عليها.
هذا ما اثار استياء رجل ديني ارثوذكسي له ثقله في بيروت عموما والاشرفية خصوصا، اضافة الى ان المقعد الارثوذكسي كان يتم على قواعد تأخذ بعين الاعتبار العائلات التاريخية في الاشرفية، كما حصل مع الوزير الراحل فؤاد بطرس كما مع النائب الراحل ميشال ساسين.
كذلك فإن مراجع سياسية ارثوذكسية تعترض على موقف الدكتور جعجع من ان يكون ينوي تسليم شخصية بدأت حياتها السياسية منذ اشهر نيابة رئاسة الحكومة، مع العلم ان نيابة رئاسة الحكومة هو مقعد اساسي ويعطي ثقلا مهما لطائفة الروم الارثوذكس، وقد قام بهذا الدور الرئىس عصام فارس والرئىس ميشال المرّ.
وبالتالي فإن تعيين حزبي في نيابة رئاسة الحكومة ادّى الى استياء لدى طائفة الروم الارثوذكس لأن هكذا خطوة سيضعف القوة المعنوية للطائفة.
وتعتبر المراجع الارثوذكسية ان جعجع يتجاهل مراجع بارزة في جبل لبنان، ومنها مرجعية سياسية في المتن الشمالي لها تاريخها الوزاري والنيابي والشعبي، ولذلك فان هذا العمل يترك اثراً سلبياً لدى مراجع دينية وسياسية ارثوذكسية.
وهنا يتوقف المرجع الديني في الاشرفية عند ما فعلته القوات اللبنانية بقيادة الدكتور سمير جعجع بترشيح مرشح ارثوذكسي عن دائرة الاشرفية من خارج الاشرفية وهذا ليس من باب الارستقراطية، ولكن في الاشرفية هناك عائلات هامة لا يمكن تجاوزها كعائلات بسترس وبطرس وتويني وغيرها.
ويقول المرجع الديني، انه في الانتخابات الماضية كان يتم التشاور مع المطران الياس عوده القوي بمواقفه ووقفاته، لكن القوات اختارت مرشحاً من خارج الاشرفية ومن دون التشاور مع المطران عوده الذي يلعب دورا اساسياً على صعيد لبنان، في غياب البطريرك الارثوذكسي وتجواله ما بين بيروت وحلب ودمشق.
وانتخابياً ايضاً، لا زال السؤال الاول والاهم بالنسبة لتوجهات رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على مستوى التحالفات الانتخابية، هل ادت زيارة الاخير الى السعودية قبل ايام الى احداث تغييرات في اتجاهات سياسية اولا، وفي امكان اعادة تموضعه على صعيد تحالفاته ولوائحه الانتخابية؟
رغم ان اوساط محسوبة على تيار المستقبل تتحدث عن ان السعودية لم تطلب من الحريري احداث انقلابات في سياساته وتحالفاته، وان النقاش مع ولي العهد السعودي تتمحور حول ازالة الفتور الذي ساد العلاقة في الاشهر الماضية، اضافة الى كيفية دعم لبنان في مؤتمرات باريس وبروكسل وروما، الا ان مصادر وزارية متابعة تلاحظ ان مايهم السعودية، وهو ما بدت ملامحه في خلال زيارة الموفد السعودي نزار العلولا الى لبنان مؤخراً، على اكثرمن اتجاه وبالاخص الاتي:
– اولا: اعادة ترتيب العلاقة مع تيار المستقبل بعد ان تأكدت ان المستقبل يمثل فئة وازنة ومهمة داخل الطائفة السنية، بعد السقطة التي تعرضت لها، جراء فرض الاستقالة على الحريري ووضعه في الاقامة الجبرية في الرياض.
– ثانياً: اعادة لملمة علاقة حلفائها، او من تبقى منهم، وبالاخص العلاقة بن تيار المستقبل وحزب «القوات» سمير جعجع على انه ليس الحليف المسيحي الاول، بل الحليف الاول على المستوى اللبناني.
– ثالثاً: توجيه رسائل الى الحريري حتى في حال عدم طلبها ذلك مباشرة، بأنها تفضل وترغب بأن تكون الاولوية في تحالفات المستقبل مع «القوات اللبنانية»، وهو الامر الذي غمز منه الموفد السعودي في اكثر من موقف، وفي اكثر من رسالة عبر الزيارة الخاصة التي قام بها للدكتور جعجع وبالتالي فزيارة موفد سعودي جديد الى لبنان خلال الايام المقبلة لن تكون بعيدة عن هذه الاتجاهات.
لذلك، فالسؤال الاخر، هل انعكست الرسائل السعودية باتجاه الحريري ودعوة الاخيرة لزيارة الرياض الى حصول تبدلات في تحالفات المستقبل الانتخابية؟
في معطيات المصادر الوزارية ان الحريري لم يحدث انقلاباً في تغيير علاقاته المميزة التي كانت قائمة مع التيار الوطني الحر قبل زيارته للسعودية والتي كانت تعادل 20/18 لكنها اصبحت اليوم تعادل 20/14، بمعنى ان هذه العلاقة لا تزال جيدة، لكنها تراجعت دون المستوى الذي كانت عليه قبل عودة الحرارة لعلاقة الحريري مع القيادة السعودية، والدليل على ذلك ان المستقبل عاد ووافق على السير بموازنة العام الحالي دون اقرار الاعتمادات لاستئجار بواخر الكهرباء، مما يتناقض مع ما كان اعلنه مسؤولون في التيار الوطني الحر ان «لا موازنة دون بواخر للكهرباء».
ويضاف الى ذلك، بحسب المصادر حصول متغيرات في توجهات المستقبل على مستوى التحالفات الانتخابية في العديد من الدوائر لمصلحة تحالفه مع «القوات اللبنانية» بعكس ما كان سائداً قبل الزيارة الى السعودية ايضاً، فكل المعطيات كانت تشير الى وجود توجه سياسي لدى الحريري بالتحالف مع التيار الوطني الحرّ في اكثرية الدوائر، او على الاقل في عدد لا بأس به من الدوائر على مستوى كل لبنان.
فالواضح، اذا من خلال ما افضت اليه اتصالات الايام الماضية بعد عودة الحريري من الرياض ان هناك توجه جدي، او ان الامور باتت منجزة او شبه منجزة لحصول تحالف بين المستقبل و«القوات» في الدوائر الآتية:
– في دائرة عكار بات من شبه المؤكد حصول تحالف بين المستقبل و«القوات» بينما التيار الوطني الحرّ سيكون في لائحة منافسة، اما لوحده او مع بعض الاحزاب والشخصيات المحسوبة على 8 آذار.
– في البقاع الغربي وبعلبك – الهرمل، تتحدث المعطيات عن بلوغ الاتصالات مراحل مهمة لتشكيل لائحة توافقية بين المستقبل و«القوات» في كل من الدائرتين.
– في دائرة الشوف – عاليه ومعهما دائرة بعبدا، فاللوائح الائتلافية في هاتين الدائرتين ستجمع «القوات» الى جانب المستقبل والحزب الاشتراكي، في مقابل تحالفات منافسة سيعقدها التيار الوطني في الدائرتين المذكورتين.
– في زحلة، لا تزال الاتصالات قائمة ليصار الى تشكيل لائحة تحالفية بين المستقبل و«القوات» والكتلة الشعبية.
– في دائرة زغرتا – الكورة- البترون – بشري، يتجه المستقبل لتوزيع اصواته بين تيار المردة و«القوات» والتيار الوطني الحرّ.
– في دائرتي بيروت الاولى والثانية، فالتحالف في الاولى بين المستقبل والتيار الوطني غير مؤكد، بينما في الثانية بات من شبه المؤكد ان مرشح «التيار» سينضم الى لائحة الثنائي الشيعي، بينما في دائرة صيدا – جزين تتجه الاتصالات نحو المنافسة بين الطرفين، في حين لم يتضح موقع التيار الوطني في اللائحة التي سيدعمها تيار المستقبل و«القوات» في دائرة النبطية – مرجعيون – بنت جبيل.
من كل ذلك، يتأكد وفق المصادر ان التحالف بين المستقبل والتيار الوطني الحرّ بات معدوماً في كل الدوائر تقريباً، لمصلحة تحالف المستقبل مع «القوات» وبالتالي هل فعلت السعودية فعلها في اتجاه التحالفات ام ان المصالح والحصص الانتخابية هي التي فرضت ذلك؟