Site icon IMLebanon

«الممانعة» ونهج الإجرام..والمتابعة

يوماً بعد يوم، يتأكد للعالم كله، بأن الحرب التي يشنها حلف «الممانعة» المُمتد من روسيا إلى إيران مروراً بالميليشيات العراقية وصولاً إلى سوريا وحلفاء النظام السوري في لبنان، هدفها الإبرز وربما الأوحد، قتل المدنيين وتدمير أرزاقهم ومنازلهم وتهجيرهم من مدنهم وقراهم كخطوة أولية على طريق بناء دويلاتهم وتثبيت مصالحهم ولو على حساب دماء الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ.

مجازر النظام السوري أصبحت هي الأخرى «في عداد المفقودين»، بحيث بات من الصعب إحصاؤها بشكل دوري نظراً لكثرتها وبشاعة ما تُخلفه في كل مرةّ، وآخرها مجزرة «خان شيخون»، التي راح ضحيتها اكثر من ثمانين شهيداً ومئتي جريح جلهم من الأطفال والنساء. لكن بشاعة النظام واحترافه مهنة القتل، أبت إلا أن تخرج للعالم كلّه بعد ساعات قليلة على إرتكابه مجزرته المذكورة، وذلك من خلال استهدافه تجمعات مدنية في حي القابون شرقي دمشق، بصواريخ تحمل غاز «الكلور» السام. وبالإضافة إلى القتلى والجرحى الذين سقطوا، سُجّل أكثر من 40 حالة إختناق تم إسعافها داخل المشفى الميداني ضمن المكان المُستهدف.

وضمن المسار الإجرامي نفسه، بث ناشطون أمس، فيديوهات تظهر قصف طائرات روسية لقنابل الفوسفور الأبيض الحارق المحرم دولياً على مدينة سراقب في ريف إدلب، ما يعني أن هذا الحلف، يُصرّ على إرتكاب مجازره ورش سمومه القاتلة بين المدنيين، ضارباً عرض الحائط بجميع القرارات الدولية وبيانات الإستنكار التي تخرج عن المنظمات العالمية وجمعيات حقوق الإنسان. وهذه الجرائم التي يبدو أنها مُكملة على الرغم من الرد الصاروخي الأميركي الذي استهدف مطار «الشعيرات» العسكري في شرق محافظة حمص، تطلبت رداً من الإئتلاف السوري المُعارض بحيث وصف القصف الروسي بالأمس في ريف إدلب، والذي راح ضحيته أكثر من 20 مدنياً، بـ«الجريمة التي لا تقل بشاعة عن جرائم الأسد»، معتبراً أن «الروس والإيرانيين والنظام يصبون جام غضبهم على المدنيين رداً على الضربة الأميركية الأخيرة».

ثمة مقولة تعتبر أن «عدو عدوي صديقي»، لكن السؤال الذي ربما وجب طرحه: ماذا عن حليف حليفي؟. يرحب «حزب الله» حليف النظام السوري على الدوام بالمواقف التي تتخذها روسيا في ما خص الشأن السوري وتحديدا لجهة دعمها الأسد وخياراته الإجرامية التي يسير عليها وذلك بتكليف إيراني. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على ان الحزب سواء شاء أو أبى، فقد تحوّل من خلال التنسيق الدولي العالي والعلني سواء بين روسيا وأميركا، أو بين الأولى وإسرائيل، إلى «حليف حليف حليفي». ففي الحلف الروسي – الأميركي، أظهرت اكثر من واقعة مدى التقارب بينهما وليس آخرها التصريح الأميركي بأنه تم وضع روسيا في أجواء الضربة التي استهدفت «الشعيرات» قبيل تنفيذها. أما الحلف الثاني، فيعود إلى بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا، فيومها جرى التنسيق بين الطرفين سواء في العمليات الجوية، أو لجهة التحركات على الأرض.

هذا التنسيق الواضح، حدا ببعض المحللين السياسيين الغربيين للقول، بأن هناك فعلاً تنسيقاً مخابراتياً أمنياً بين سوريا وأميركا وروسيا وإسرائيل في ما يتعلق بالداخل السوري، وهذا يعني أن نظام الأسد وإيران و«حزب الله» وجميع الميليشيات التي تنضوي تحت امرة «الحرس الثوري الإيراني»، جميعها تستفيد قدر الإمكان من هذا التعاون لصالح تحركاتها على الارض وضمن المناطق التي تخوض فيها حربها. وضمن سياسة الإجرام والتغطية التي تُرافقها، لم تغب طائرات النظام السوري طيلة الثماني والأربعين ساعة الماضية عن سماء مدن وبلدات الغوطة الشرقية وخصوصاً بلدة «دوما» التي لم يُبقِ فيها النظام منزلاً، إلّا وسوّاه بالأرض ولا عائلة إلا وحصد منها شهيداً على الأقل. براميل مُتفجرة، عشرات الصواريخ الموجهة وأخرى من نوع أرض – أرض، وأكثر من مئتي قذيفة هاون، كل هذا الحقد نزل على بلدة يخنقها الحصار ويلفّها منذ أربعة أعوام، ومع هذا بقيت شامخة غير آبهة لا بالمجازر اليومية ولا بمحاولات اقتحامها بشكل يومي على يد النظام وحلفائه، وفي طليعتهم «حزب الله».

أمام هذا الواقع، أضحى مؤكداً أن نظام بشّار الأسد لا يُمكن أن يكون جزءاً من الحل في سوريا خصوصاً وأنه قد امتهن القتل منذ سنوات خمس، وإلى اليوم ما زال يسير على النهج نفسه حيث يقوم بتوزيع جرائمه بالتوازي، بين حلب وإدلب وحماة والغوطة. ووسط عمليات الإبادة هذه، ثمة مواقف متكررة يُطلقها سياسيون ورجال دين شيعة يُحذرون من خلالها «حزب الله» من التمادي اكثر فاكثر في «المستنقع» السوري. وهؤلاء يرون أن الحزب الذي شارك في الفتنة السورية منذ بدايتها، أي قبل ولادة التيارات المتشددة بسنوات تحت حجج وتبريرات متعددة ومتنوعة، سيحمل إرث الكثير من الدماء في سوريا ولبنان. لكن، ومن باب البحث عن طريق للخروج من هذا المأزق، يعتبرون أنه حتى الساعة ما زال «حزب الله» قادراً على تجنّب الخسائر البشرية المتزايدة وتجنّب تبعات الفتنة المذهبية على لبنان وتحديداً الشيعة، من خلال إنسحابه من سوريا. لكن هذه الفئة تعود وتسأل «على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟»، طالما أن خياراً كهذا مرتبط فقط بقرار إيراني.