فرمل أهل الممانعة اندفاعهم في الجنوب السوري وحمّلوا «سوء الأحوال الجوية» المسؤولية! لكن المدَدَ الذي أتاهم على صفحات «نيويورك تايمز» كان كافياً بالنسبة إليهم، للتعويض البلاغي عن الفتور الميداني وإكمال متطلبات الدّوخة التامّة!
«نيويورك تايمز» أعلنت «انتصار» بشّار الأسد! لكن بشّار الأسد نفسه لم يصدّق! ومثله بالتأكيد، القيمون على المحاولة الميدانية الكبيرة في منطقتي القنيطرة ودرعا والتي وُضعت لها أهداف عظيمة لكن جلّها وأساسها هو إعادة إيقاف الأسد على قدميه بعدما أقعدته أرضاً حمولة السنوات الأربع الماضيات وجعلته عرضة للشطف التام وبجدّية غير مسبوقة منذ اندلاع الثورة الشاملة عليه!
والواضح حتى الآن، أن حجم الضجيج الذي رافق تلك الحملة العسكرية في الجنوب لا يتوازن مع فعلها وسيرها ونتائجها بحيث ان «الأحوال الجوية» كانت المشجب الملائم الذي علّق عليه محور الممانعة قمصان مبالغاته وانكسار توقعاته لتبرير خفوت وتيرة الهجوم، فيما تقول معلومات ثُقات، إن السبب الفعلي لذلك هو المواجهة الضارية المضادة والخسائر الفادحة التي لحقت بالمهاجمين.
.. لكن «نيويورك تايمز» الأميركية الهوية والإسرائيلية الهوى قالت إن «أبو طنجرة» انتصر! وهذا وحده كافٍ ليعود أرباب الممانعة الى ممارسة طقوسهم الاحتفالية المألوفة بتوالي اعترافات «أعدائهم» بمقدار بأسهم وقوتهم وانتصاراتهم، مع أنهم أعلم بالأرض وما عليها، وبتفاصيل جبهاتها وخطوطها.. ثم خصوصاً بتفاصيل المواجهات الجارية في الجنوب السوري راهناً وبالمعاني التي تبطنها وتظهرها: العجز عن حسم معركة واحدة، كبيرة وحساسة، وذات بُعد استراتيجي يتصل بقلعة الأسد الأخيرة في قلب دمشق، ليس سوى المؤشر الفعلي الملموس عن العجز في الحرب الجارية في طول سوريا وعرضها.
وحتى لو «تحسن الطقس» وصار ربيعياً، وأمكن لمحور إيران تحقيق شيء ما في تلك الناحية الجنوبية، فإن ذلك لن يغيّر في المعطى العام شيئاً: وصل الوضع في سوريا الى درجة صارت معها سلبية شرذمة المعارضة فعلاً إيجابياً. أي، لا يعني إسقاط منطقة ما تابعة لها، إسقاطاً لكل جغرافية انتشارها. ولا يعني كسر فصيل منها كسراً لكل قواها. وتلك بديهة، يكابر أهل المكابرة في نفيها.. وما كان ينقصهم لتعزيز مكابرتهم ونكرانهم إلا أن تقول «نيويورك تايمز» إن الأسد انتصر!