يشتكي فريق الممانعة من المؤامرات المستمرة ضد لبنان وشعبه، ويعلن أنه يقود مقاومة وحراكاً في وجه هذه المؤامرات كي يصل بلبنان إلى واقع أفضل، ولكن حقيقة الأمر أن لبنان ذهب باتجاه واقع سيئ وهو بالتأكيد يتجه إلى الأسوأ طالما استمرت سياسات هذا الفريق على مختلف الصعد.
لم يستطع فريق الممانعة بعدائه للعرب والغرب أن يستبدل الدول التي يعاديها بالدول التي يصادقها من أجل مساعدة لبنان، فالشرق وبالتحديد روسيا والصين لا تسعيان لتقديم خدمات مجانية للبنان، ولا ترغبان في مشاريع خاسرة، ولا تريدان كسب السوق اللبناني مقابل خسارة أسواق أكبر وأهم بكثير، ولا يمكن أن يشكلا أيضاً سوقاً لليد العاملة اللبنانية بدل أسواق الخليج وأوروبا والولايات المتحدة وغيرها.
كذلك لا يمكن لإيران وسوريا واليمن أن تشكل سوقاً بديلاً لتوظيف اليد العاملة اللبنانية، ولا يمكن لهذه الدول أيضاً أن تقدم للبنان مشاريع مجانية في أي قطاع من القطاعات، فهي في الأساس دول محتاجة لكل شيء: للمال، للبنى التحتية، للتكنولوجيا، وغيرها من وسائل التقدم، فهي لو لم تكن بحاجة لذلك لما عاشت شعوبها في الفقر، ولما انهارت عملاتها، ولما أصابتها أضرار جسيمة في منشآت استراتيجية جرى اختراقها، ولما قمعت المطالبين بالحرية والسياسيين المعارضين.
في لبنان يتولى الممانعون ومن يوالونهم وزارات مهمة وعليهم أن يخبرونا أين هي كل المشاريع التي جرى الحديث عنها من روسيا والصين وإيران، وأن يصارحوا اللبنانيين بالحقيقة ويخبرونا إن كانوا طرحوا هذه المشاريع في مجلس الوزراء وما كان الرد عليها؟
ليخبرونا في الحكومة ومجلس النواب عن القروض الميسّرة التي اتت من تلك الدول لمشاريع في لبنان تنفذها الوزارات المعنية.
ليخبرونا عن الهبات المالية أو الودائع التي اتت لصالح الدولة اللبنانية.
ليخبرونا عن أي فكرة او مشروع طُرح ووصل إلى نهاية سعيدة.
ألهذه الدرجة يعجز الممانعون الذين يتحكمون بقرار لبنان والجوار عن فرض مشروع اقتنعوا بجدواه؟
ما يراد من لبنان من جانب قوى الممانعة هو أن يدور هذا البلد في فلك محور الممانعة وأن لا يخرج قيد أنملة عنه، وأن يدفع الثمن الاقتصادي والسياسي والأمني الذي يفرضه الإنتماء إلى هذا المحور، وهو ثمن باهظ على كل اللبنانيين يطال مصالحهم في الداخل والخارج، ويطال ثقافتهم وانفتاحهم وتطورهم، ويطال نوعية وطريقة عيشهم، ويطال حتى أحاسيسهم فلا يترك لهم سوى الحزن والسواد والموت.
لبنان يحتاج إلى محور واحد، هو محور الفرح، محور التقدم والازدهار والاستقرار، محور نبذ الحرب والاقتتال، فنحن نعيش من أجل مشروع الحياة والمستقبل، ولا نعيش من أجل مشاريع دينية تسعى لتحويل لبنان إلى ساحة صراع دائم من دون أفق أو رؤية ما يشكل عبثاً لا ينتهي بحياة ومصير لبنان واللبنانيين.