ليس لأي من أطراف التسوية الرئاسية مصلحة في إسقاطها.
قد ترتفع الأصوات من هذا الطرف أو ذاك، وقد يرافقها الكثير من الشكاوى والانتقادات المتبادلة… ولكن الحقيقة في مكانٍ آخر وهي أنّ هذه التسوية تحظى بتغطية أكبر من أن تكون داخلية وحسب. إذ لها امتدادات متلازمة ومتطابقة أحياناً ذات طابع إقليمي وآخر دولي.
لذلك، لا ينفع الصراخ والعويل، كما لا ينفع في المقابل، الاستقواء والاستفزاز من جانب آخر.
وبصراحة أكبر، لا يتحمّل العهد العوني سقوط التسوية، ولا يتحمّل الرئيس سعد الحريري سقوطها، وحتى حزب الله لا يتحمّل أن تسقط التسوية!
لماذا؟ لأنّ سقوط التسوية يعني سقوط الحكومة. فمن هو الذي له مصلحة في ذلك إلاّ قلّة قليلة… هذا إذا وُجدت.
فالرئيس العماد ميشال عون يتمسك بقوة بهذه الحكومة (التي أسماها حكومة العهد الأولى). وهو يعرف، قبل غيره وأكثر من غيره، أنّ استقالة الحكومة ستؤدي الى فراغ لتعذر تشكيل الحكومة البديل في ظروف طبيعية، وهذا مرشح لان يستمر، ربما حتى نهاية العهد… هذا إذا استقالت الحكومة في أجواء سقوط التسوية. فهل للرئيس عون أي مصلحة في ذلك؟ الجواب، طبعاً وبداهةً، بالنفي. فلو تجاوزنا سائر الاعتبارات الإيجابية، بما فيها حرص الرئيسين عون والحريري على إيجابية العلاقة في ما بينهما، فليس هناك أي مصلحة للرئيس، وبأي شكل من الأشكال في أن تصل الإشكالات التي تكرّرت في المرحلة الأخيرة، الى حد انهيار التسوية الرئاسية.
والرئيس سعد الحريري يعرف، طبعاً وبداهة أيضاً، أن سقوط التسوية يؤدي الى صعوبة إعادة تكليفه تشكيل الحكومة البديل. وليس له أي مصلحة في ذلك. ولا نظن، للحظة واحدة، أن فكرة نسف التسوية، بالخروج منها، واردة في ذهنه.
وأمّا حزب الله فهو أيضاً لا يسعى الى فراغ حكومي في هذه المرحلة الدقيقة يخرجه من «شرعية» هو في حاجة ماسّة إليها، في وقت تواصل العقوبات الأميركية الضغوط عليه.. خصوصاً وأنه كان قد اتخذ قراراً (ونفذه) بتقديم الخدمات الى قاعدته الشعبية العريضة التي لم يكن لها حضور في الدوائر والإدارات الرسمية التي كانت وقفاً على النصف الآخر من الثنائية الشيعية، أي حركة أمل.
ولا شك في أن ترميم العلاقة بين الطرفين الرئيسين في التسوية خلال زيارة الحريري الى قصر بعبدا مساء أول من أمس الأربعاء، قد جاء ليؤكّد على المؤكّد بأنّ هذه التسوية الرئاسية عُقدت لتبقى…
وأن انفراط عقدها له نتيجة واحدة لا غير: ضرر مباشر كبير بلبنان وبأركان التسوية أنفسهم.