6 آذار 2015
ليس من قبيل البحث عن التوازن بل من زاوية الفضول فقط نتساءل، لماذا لا تحيي قوى ٨ آذار الذكرى العاشرة لقيام تحالفها أسوة بقوى ١٤ آذار، مهما اختلفت أطر إحياء ذكرى الموعدين اللذين تفصل بينهما خمسة ايام عددية ودهر سياسي؟
لا يتصل الامر هنا بمعالجة الأوضاع الذاتية لكل من الجبهتين والتحالفين وإنما بالشكل الاحتفالي الذي يضمر الخلفية السياسية والواقعية للوضع الراهن لكل منهما. ذلك ان قوى ١٤ آذار كتحالف انبثق عن ثورة جمهور في ذاك اليوم المشهود لا تملك التخلي عن الشكل الاحتفالي بأي صورة، في حين اننا نرى ان على قوى ٨ آذار ان تظهر بدورها في ذكرى مرور عقد على قيامها الصورة الواقعية لمآل هذا التحالف.
تبدو قوى ٨ آذار مطمئنة الى ثبات الأُطر الشكلية والسياسية التي تجمع أحزابها وتياراتها انطلاقا من ثابتة اساسية حملتها قبل عشر سنوات الى التظاهرة الكبيرة تحت عنوان “شكراً سوريا”. لم يتبدل حرف في المعطى الاقليمي حتى اليوم باعتبار ان القاطرة الكبيرة لهذه القوى اي “حزب الله” هو الثابت في رسم الاستراتيجيات من دون ان يعني ذلك عدم الاعتراف للقوى الاخرى بذاتيتها، ولكن الفارق كبير هنا بينها وبين معسكر الخصوم. فعلى رغم الإصابات المتلاحقة في صورة قوى ١٤ آذار لا تزال هذه القوى تحتفظ بحيوية الحفاظ على ديموقراطية من ضمن التنوع في شكلها الجبهوي وتتفوق بها على جبهة تتباهى بسطوة ميزان القوى، وما تخطئ في تقديره قوى ٨ آذار هو الرهان المتواصل على ميزان القوى. يدلل على ذلك ان التحالف الثنائي بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” طغى تماما على كل الواقع الداخلي للتحالف العريض الآخر. ونشأت عن هذا “التفاهم” ملابسات لم تخضع مرة لنقاش داخلي في ٨ آذار، من معالمها ان “التيار” يأبى ان يدرج شكلا وعلنا ضمن مسمى ٨ آذار، فيما تكشف التجربة انه الى جانب حليفه “حزب الله” شكّلا الرافعة الفعلية للمكاسب على الخصوم، ان في اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري او سواها من وقائع. ولن نتناول هنا تجربة انخراط الحزب في القتال السوري وتداعياته لانه من المعروف تماما ان اي صوت في ٨ آذار لم ولن يذهب في اي شكل عكس التبريرات لهذا الانخراط، سواء بواقع الارتباط الاقليمي لمكونات التحالف مع النظام السوري وإيران او بواقع القاطرة الضخمة الذي يشكله الحزب للتحالف. ومع ذلك ألم يحن الوقت لهذا التحالف ان “يجدد” طلة ما على جماهير خصومه قبل أنصاره بما يخالف الصورة النمطية السائدة عنه شكلا ومضمونًا ومحتوى ديموقراطيا على الاقل؟