IMLebanon

لبنان طلب شطب مرجعية الـ1559 و1680 بقرار التجديد لـ”اليونيفيل”

 

فرنسا تبنّت ثم تراجعت أمام صياغة إماراتية بعد رفض بريطاني ـ أميركي

 

رافقت إجراءات التجديد لولاية قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان لسنة أخرى حتى آخر شهر آب 2023 بناء لطلبه، في مجلس الأمن، استناداً إلى القرار الدولي الرقم 1701، وقائع غير مسبوقة، أثارت سجالاً في نيويورك آخر الشهر الماضي، إذ اقترحت السلطات اللبنانية العليا نصاً لقرار التمديد لـ»اليونيفيل» يشطب الفقرة التي تشير إلى مرجعية القرارين 1559 (سنة 2004) و1680 (2006 ويتناول السلاح غير الشرعي وتحديد الحدود مع سوريا) اللذين تنص عليهما القرارات والبيانات الدولية الصادرة حول لبنان، حسبما أفاد تقرير دبلوماسي غربي ورد إلى بيروت.

 

فهذان القراران هما جزء من مرجعيات الأمم المتحدة التي تتناول معالجة مسألة السلاح غير الخاضع للسلطة الشرعية حتى الحدود، ومن القرارات كافة الصادرة بعد العام 2006، ومن بيانات مجلس الأمن و»مجموعة الدعم الدولية للبنان، التي تضمّ الأعضاء الدائمين في المجلس والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأمم المتحدة، وألمانيا وإيطاليا».

 

وتسبّب الاقتراح اللبناني بانزعاج دول أعضاء في مجلس الأمن، أثناء التحضير لصدور قرار التمديد. والمعلوم أن القرار 1701 نفسه صدر في العام 2006 لإنهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان، مستنداً في نصه إلى جملة قرارات دولية منها القراران 1559 و1680، وذلك في إطار تأكيد «أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على كامل الأراضي اللبنانية والأحكام ذات الصلة الواردة في اتفاق الطائف». وكان إلغاء هذه الفقرة يعني شطب مرجعية اتفاق الطائف كوثيقة تتعلق بمبدأ بسط سيطرة الحكومة على أراضيها.

 

وفق التقارير الدبلوماسية الغربية شمل الاقتراح اللبناني إلغاء عبارتين في الفقرتين (15 و16) اللتين وردتا في قرار التمديد للقوات الدولية للعام 2021 – 2022 وتنصان على حرية حركة «اليونيفيل» وإدانة تقييد حرية الحركة هذه. وهي المرة الأولى التي يطلب لبنان شطب القرارين المذكورين من قرار التمديد لـ»اليونيفيل»، والمعطوفين على اتفاق الطائف، الذي يستند إليه القرار 1559 نفسه.

 

وما أثار جدلاً في مداولات التحضير لقرار التجديد، أن البعثة الفرنسية في الأمم المتحدة تبنت التعديل اللبناني على نص القرار الذي كان يصدر في كل سنة ويشير إلى مرجعية القرارين المذكورين، وإلى اتفاق الطائف (كونه يتضمن الفقرة التي تنص على نزع سلاح الميليشيات…). وأثار الموقف الفرنسي حفيظة البعثات الدبلوماسية لكل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، فيما عملت بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة على صياغة مختلفة عن الاقتراح اللبناني الذي تبنته فرنسا.

 

وأفاد التقرير الغربي أنه جرى تدارك الأمر لاحقاً بعد تداول مسودات عدة نصت على وجوب منع السلاح في منطقة عمليات «يونيفيل»، بالإبقاء على مرجعية القرارين 1559 و1680 في الفقرة الأولى من مقدمة قرار التجديد الذي صدر في 31 آب (أغسطس) الماضي، كما هي العادة في القرارات السابقة، وأعيد التذكير بهما في الفقرة من المقدمة التي تتناول بسط سيطرة الحكومة على الأراضي اللبنانية كافة، وكذلك في الفقرات التنفيذية التي تتناول وجوب الانتقال في تطبيق القرار من وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل مستدام. وانشغل أعضاء مجلس الأمن بالتوافق على فقرات شملت إدانة أعضائه استمرار الاحتفاظ بأسلحة من قبل مجموعات مسلحة خارج إطار سيطرة الدولة اللبنانية في خرقٍ للفقرة 15 من القرار 1701 الذي يلزم «كافة الدول أن تحول دون تزويد أو نقل السلاح أو أي مواد مرتبطة به… إلى أي جهة أو فرد في لبنان ما عدا ما تسمح به الحكومة اللبنانية»… وتناول القرار الجديد هذه المسألة في الفقرتين 21 و22.

 

كما أن الصياغة النهائية لنص القرار أشارت، خلافاً للصياغة اللبنانية المقترحة، وفي فقرات عدة إلى إدانة عمليات التعرض لوحدات «اليونيفيل»، مفندة تواريخها والوعود بالتحقيق مع مرتكبيها وجلبهم إلى العدالة (في سنوات سابقة)، مع التأكيد على حرية حركة قواتها داعية كل الأطراف إلى ضمان وصول هذه القوات إلى كافة أجزاء الخط الأزرق، مع التشديد على أن الاتفاق بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لا يتطلب الحصول على إذن مسبق من أجل القيام بمهماتها. وفي هذا السياق أشار القرار إلى «التركيب الأخير لحاويات تقيّد وصول قوات حفظ السلام إلى أجزاء من الخط الأزرق أو قدرتهم على رؤيته. وهو أمر كان مدار نقاش في مجلس الأمن أثناء مناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في شهر حزيران الماضي حول تنفيذ القرار 1701، حيث سأل ممثلو دول تشارك قواتها في «اليونيفيل» عما تتضمنه هذه الحاويات، وعن هدف تركيزها على الخط الأزرق، وإذا كانت تحوي أسلحة أم لا. وذكرت المعلومات الدبلوماسية أن البعثات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية هي التي أصرت على إثارة مسألة الحاويات، فيما أثارت بعثات بريطانيا وأميركا ودولة الإمارات مسألة وجود السلاح جنوب نهر الليطاني خلافاً للقرار 1701.

 

يذكر أنه في العام الماضي، وفي القرار 2591 (2021)، الذي تم التجديد فيه لـ»اليونيفيل» حتى نهاية آب الماضي، طلب مجلس الأمن من «اليونيفيل» اتخاذ «تدابير موقتة وخاصة» لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية في الغذاء والوقود والأدوية والدعم اللوجستي ولمدة سنة.

 

لكن في القرار الجديد (الرقم 2650 ) اقتصر تمديد هذا الدعم على مدة ستة أشهر أخرى فقط. وجاء ذلك بعد سجال طويل بين البعثة اللبنانية وبين البعثتين الروسية والصينية، اللتين رفضتا النص على مواصلة قوات الأمم المتحدة تقديم هذا الدعم للجيش بحجة أن ذلك سيصبح سابقة قد تطلب دول أخرى، استناداً إليها، وتتواجد على أراضيها قوات حفظ سلام دولية، أن تتم معاملة جيوشها بالمثل وهذا يقود إلى رفع موازنات هذه القوات حول العالم في وقت تعاني المنظمة الدولية من أزمة مالية. ولعبت صياغة البعثة الإماراتية دوراً في إقناع البعثة الصينية التي كانت أكثر المتحفظين، لا سيما بعد أن قبلت البعثة الروسية بالاقتراح الإماراتي. فالفقرة المتعلقة بالمساعدات للجيش نصت على ألا يكون ذلك سابقة، وعلى عدم تسبب المساعدة برفع موازنة «اليونيفيل».

 

المفارقة كانت أنه مع إدانة القرار للانتهاكات للخط الأزرق، تحفظ عدد من أعضاء مجلس الأمن بمن فيهم المندوب الصيني على طلب لبنان إدانة إسرائيل بالإسم لقيامها بخرق القرار 1701 معتبراً أن تلك الإدانة «غير متوازنة».