مرّت الذكرى الحادية عشرة لقوى 14 آذار هذا العام، بهدوء، ومن دون أي احتفالات مركزية تعيد إلى الأذهان تلك المشهدية المليونية غير المسبوقة ليس في هذا البلد الصغير بحجمه وعدد سكانه، بل وفي العالم أجمع، هذا العالم الذي وقف مشدوهاً أمام هذه المشهدية، ما من شأنه التأكيد على أن هذا الفريق الذي أنهى عهد الوصاية وإعادة السيادة والاستقلال ومعهما الحرية ما زال متأثراً بشظايا الترشيحات الرئاسية ولم يتمكن بعد من تخطيها وإعادة اللحمة إليه حتى يتمكن من المحافظة على هذه اللحمة واستكمال مشروع العبور إلى الدولة، وليست أي دولة بل الدولة القوية والعادلة، الدولة التي تحمي كل مواطنيها وتحفظ انتمائها العربي الأصيل.
كان الاستثناء في هذه المناسبة هو الرسالة التي وجهها رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير إلى الرأي العام الاستقلالي وطمأنته إلى ان الأزمة داخل 14 آذار ليست جوهرية، إنما مرحلية خرجت إلى العلن مع الانتخابات الرئاسية وستذهب معها إن لم يكن قبلها وربطاً بذلك إعادة الاعتبار إلى مشروع الدولة والتمسك بإتفاق الطائف والعمق العربي للبنان ومؤكداً أن لا خلاف إطلاقاً في الخيارات الأساسية المتصلة بالشرعيات الثلاث:الشرعية اللبنانية،والشرعية العربية والشرعية الدولية وربطاً بكل ذلك إعادة الاعتبار إلى مشروع الدولة.
والكلام نفسه تقريباً جاء على لسان مُنسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار والدكتور فارس سعيد مع إضافة وتوضيح هو ان تعذر ارتسام مشهدية جامعة لقوى 14 آذار في ذكرى الرابع عشر من آذار بالأمر الخطير والخطير جداً مع الإشارة إلى ان ما يجري لا يمكن رده حصرياً إلى خلاف حول الترشيحات الرئاسية، بل إلى كونها المولود الطبيعي لحالة متمادية من انكفاء المكونات السياسية والحز بية الأساسية في 14 آذار على ذواتها وأولوياتها الخاصة، لا سيا الأولويات الطائفية والحزبية خلافاً للأولوية الوطنية المطلقة التي تجلّت في 14 آذار 2007، لافتاً إلى أن العلاج ليس في الترقيع أو الترميم أو مسكنات، بل بتجديد الخيارات التاريخية لإنتفاضة الاستقلال وهي النظرة الوطنية الواحدة، إلى عدم المساكنة بين سلاح الدولة اللبنانية والسلاح غير الشرعي، وإلى مسك لبنان بنظام المصلحة العربية المشتركة وبقرارات الشرعية اللبنانية والشرعية العربية والشرعية الدولية.
وكما جاء التوافق بين رسالة الدكتور جعجع في هذه المناسبة ورسالة الدكتور سعيد، جاء أيضاً في رسالة رئيس تيّار المستقبل سعد الحريري في تلك المقابلة التلفزيونية التي جاءت عشية الذكرى الحادية عشر لـ14 آذار ما يُعيد التأكيد لمن لا يريد ان يسمع بأن شظايا الانتخابات الرئاسية لم تؤثر على تحالف فريق 14 آذار لكنها مناسبة لتحفيز هذا الفريق إلى مراجعة نقدية صريحة للأسباب التي جعلته يتشظى بهذا الشكل والعمل بشكل سريع إلى إعادة البناء على أساس الثوابت الوطنية والعربية والدولية التي تحدثت عنها القيادات الثلاثية في هذه المناسبة التي ما زالت رغم مرور إحدى عشر سنة عليها تدهش العالم بأسره.