Site icon IMLebanon

لبنان يسعى الى إزالة فِقرة “تحرّك اليونيفيل بمعزل عن الجيش” خلال التجديد لها.. فهل ينجح؟! 

 

 

 

 

يكتسي قرار التجديد لقوّة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” لسنة إضافية، تبدأ من الأول من أيلول المقبل وتنتهي في 31 آب من العام 2024، في جلسة خاصّة تُعقد في مجلس الأمن الدولي في أواخر آب الجاري، أهمية بالغة هذه المرة. فالديبلوماسية اللبنانية تخشى من طروحات أو تعديلات جديدة تتناول توسيع مهمّة “اليونيفيل” وحرية حركتها، وتسعى بالتالي الى تعديل قرار التمديد هذا، الذي يمنح القوّة الدولية صلاحيات القيام بالدوريات والتفتيش والمداهمات في القرى الجنوبية، من دون التنسيق مع الجيش اللبناني ومواكبته لها. وترتبط التعديلات بالدرجة الأولى بمقتل الجندي الإيرلندي وإصابة ثلاثة جنود آخرين بجروح في 15 كانون الأول الماضي، جرّاء حادثة إطلاق رصاص على العربة المدرّعة التي كانوا على متنها في العاقبية الجنوبية، وتحميل المسؤولية لحزب الله. فضلاً عن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المناطق اللبنانية المحتلّة.

 

ويواكب وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، الذي غادر بيروت اليوم الثلاثاء على رأس الوفد اللبناني، مرحلة ما قبل صدور القرار في نيويورك، والتي يُفترض أن يصلها خلال الساعات المقبلة، الى حين صدوره. وتقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة إنّ بوحبيب سيبدأ اتصالاته مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن فور وصوله الى نيويورك، في محاولة لشطب أو لإزالة، أو لإعادة صياغة الفقرة التي جرى تكرارها العام الماضي خلال التمديد لليونيفيل. فقد نصّ القرار 2650/2022 على أنّ “مجلس الأمن كرّر أنّ “اليونيفيل” لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنّه يُسمح لها بإجراء عملياتها بشكلٍ مستقل”. ودعا الأطراف بالتالي “إلى ضمان حرية حركة “اليونيفيل”، بما في ذلك السماح بتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلن عنها”.

 

وتحاول الديبلوماسية إقناع الدول الأعضاء بأنّ إسقاط مبدأ التعاون والتنسيق القائم بين الجيش اللبناني وقوّات “اليونيفيل” من خلال إجراء عملياتها بشكل مستقل، والسماح لها بتسيير الدوريات المعلن وغير المُعلن عنها”، من شأنهما تعريض سلامة جنود هذه القوّات وأهالي القرى الجنوبية للمخاطر الأمنية. فالجيش اللبناني يعي تماماً طبيعة المنطقة، وبإمكانه من خلال مواكبة “اليونيفيل” خلال تنفيذها لعملياتها، تجنيبها التعرّض لأي حوادث غير مرغوب فيها. ولهذا سيعرض بوحبيب على المعنيين الذين سيلتقيهم في الأمم المتحدة العودة الى الصيغة السابقة قبل حصول التعديل، أي إشراك الجيش اللبناني في دوريات “اليونيفيل” في المناطق الجنوبية. علماً بأنّه لم يكن هناك أي جدوى من هذا التعديل لأنّه لم يطبّق فعلياً على الأرض.

 

ولا تبدي الأوساط نفسها تفاؤلها باحتمال تعديل هذه الفقرة، سيما أنّ القرار 2650 اتُخذت العام الماضي بإجماع الدول الأعضاء، من دون أن تستخدم روسيا أو الصين حقّ النقض “الفيتو” للوقوف الى جانب لبنان برفض التعديل. في الوقت الذي أطلق فيه الوزير بوحبيب تصريحات عن إمكان نجاح الديبلوماسية اللبنانية في مسعاها هذا، ويعمل في أورقة المنظمة الدولية من أجل تحقيق ما يُطالب به لبنان.

 

واعتبرت الاوساط أنّ تطمينات قيادة “اليونيفيل” عن أنّ ما هو سائد سيبقى على حاله، سيما أنّها لم تُنفّذ الفقرة المذكورة على أرض الواقع، وتقوم بعملياتها بمواكبة الجيش، لا يمكن أن تستمرّ في حال كرّر القرار التعديلات السابقة وشدّد عليها، طالباً من القوة المؤقّتة الإلتزام بها، أو قام بتوسيعها لتشمل أماكن خارج المنطقة الجنوبية، مثل المخيمات الفلسطينية، خصوصاً بعد اشتباكات مخيم عين الحلوة الأخيرة، بهدف لجم السلاح غير الشرعي.

 

وفي ما يتعلّق بحثّ مجلس الأمن في القرار المذكور الأطراف على “تسريع الجهود لتحديد الخط الأزرق بشكل واضح والمضي قدماً في حلّ النقاط الخلافية”، فتجد الأوساط بأنّ هذا البند سيتكرّر خلال قرار التجديد المرتقب. فما حصل أخيراً من أحداث في المنطقة الجنوبية، لا سيما قيام القوات الإسرائيلية المحتلّة بوضع السياج الشائك عند أطراف بلدة الغجر اللبنانية المحتلّة، ونصب حزب الله خيمتين في بلدة كفرشوبا المحتلّة عند الحدود، سيفرض مسألة تثبيت الحدود اللبنانية، أي تصحيح الخط الأزرق بالنسبة للنقاط التي يتحفّظ عليها لبنان. والنقاط الخلافية هي 13 جرى التوافق على 7 منها، ويبقى هناك 6 نقاط تحتاج الى حلّ النزاع حولها، سيما أنّها حدود لبنان النهائية وفقاً للإتفاقيات وخرائط ترسيم الحدود البريّة الموجودة في حوزة الأمم المتحدة، ومنها اتفاقية بوليه- نيوكومب (في العام 1923)، واتفاقية الهدنة (في العام 1949). كما يسعى لبنان الى تغيير إسم المساحة اللبنانية المحتلّة من “الجزء الشمالي من قرية الغجر” ليُصبح “خراج بلدة الماري اللبنانية”.

 

أمّا مشروع قرار التمديد لليونيفيل، فغالباً ما تقدّمه فرنسا، وتُوافقها عليه الولايات المتحدة الأميركية، ما يجعل الدول الأجنبية تستغلّه لتحسين بعض بنوده، إمّا لتأمين مصالحها السياسية، أو للحفاظ على سلامة جنودها. فالولايات المتحدة التي لا تشارك في “اليونيفيل” يهمّها من تعديل القرار بالدرجة الأولى والأخيرة، تأمين أمن حليفتها في المنطقة أي “إسرائيل”. أمّا فرنسا التي تُشارك فيها من ضمن 48 دولة وتضمّ كتيبتها 928 جندياً، فيهمّها الحفاظ على حياة جنودها من أي اعتداء أو حدث أمني طارىء.

 

وعلى ما يبدو، فإنّ الاتصالات السابقة مع الدول المعنية لم تفضِ الى إمكان التجاوب مع مطلب لبنان خلال جلسة التمديد المرتقبة، وخصوصاً أنّ حادثة العاقبية لم تكن مثالاً يحتذى به من قبل أهالي البلدة للتعامل مع قوّات “اليونيفيل”. لهذا لا تُعوّل على نتائج إيجابية، لا من قبل روسيا ولا من قبل الصين، سيما أنّ هذه الأخيرة قد رفضت في جلسة سابقة لمجلس الأمن طلب لبنان بتزويد الجيش بالمحروقات لمواكبة “اليونيفيل” في عملياتها، بحجّة ألّا تصبح سابقة، تطالب بها الدول الأخرى التي تعمل قوّات دولية فيها.