قبل نحو شهرين، وضع الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري اللمسات الأخيرة على خطة للنهوض بالتيار، وتحديداً في بيروت وبعض مناطق الشمال، تتضمّن مناقلات وتعديلات، بعدما أخفق مسؤولوه في شدّ عصب جمهور التيار واستنهاضه. وأوضحت مصادر مستقبلية لـ»الأخبار» أن «النفضة» التي يعتزم الحريري القيام بها «تهدف إلى استبدال بعض المنسقين والكوادر من دون أن تقترب من إجراء أي تعديل على النظام الداخلي للتيار، رغم أن البعض اقترح على الحريري، بما يخصّ عكار مثلاً، إعادة دمج منسقياتها الثلاث، كما كانت الحال سابقاً، بعدما تبين أن نتائج تقسيمها كانت سلبية».
لكن نصائح، من داخل التيار، أسديت إلى الحريري بإرجاء تنفيذ هذه الخطة، «لأن الظروف الحالية غير مؤاتية لها، ولأن ما من استحقاق داهم يحتّم الإقدام على خطوة كهذه في ظل الصعوبات المالية الحالية، بما قد يرتدّ على التيار سلباً، وتكون له تداعيات وذيول داخلية تصعب معالجتها لاحقاً».
وتشير المصادر الى أن التيار، خصوصاً في الشمال، في غنى حالياً عن إثارة المزيد من المشاكل لنفسه، تضاف الى الارباك الذي يعانيه نتيجة محاولة وزير العدل أشرف ريفي «إيجاد حيثية سياسية وشعبية له مستقلة عن التيار، وإن لم تخرج من تحت مظلة آل الحريري، لأنه بهذه الخطوة إنما يأكل من صحن التيار لا سواه». وتلفت الى مثلين على محاولة ريفي، «الأول عندما أخذ على عاتقه، بمعزل عن منسقية التيار ونوابه في المدينة، تنظيم احتفال سياسي لمناسبة ذكرى تفجيري مسجدي التقوى والسلام، ولقي فشلاً جماهيرياً؛ والثاني قيامه بإجراء مناقلات داخل قصر العدل في طرابلس، أخيراً، كان مسؤولو التيار في المدينة آخر من يعلم بها».
هذه الأزمة، التي يعترف بها المستقبليون قبل غيرهم، «تعكس أزمة بنيوية تعاني منها الطائفة السنية ككل، ويتحمل تيار المستقبل الجانب الأكبر من المسؤولية عنها»، على حدّ وصف أوساط مقرّبة من الرئيس نجيب ميقاتي. وتعزو هذه الأوساط هذه الأزمة إلى «تراجع شعبية تيار المستقبل داخل الطائفة بعدما احتكرها في شكل شبه كلي لسنوات، فيما لا توجد حالياً جهة سياسية مستعدة لوراثته»، مشيرة الى أن «أزمة الطائفة أكبر من أن يحلّها شخص واحد، كما فعل الرئيس رفيق الحريري، لأنه استثناء لن يتكرر، سواء في شخصه أو في الظروف التي جاءت به». وتخلص الى أن «أفضل مخرج أن يسفر أي مخاض انتخابي مقبل عن ولادة ثنائية أو تعدّدية سياسية سنية، وإلا فإن الطائفة لن تخرج من أزمتها قريباً».