IMLebanon

استبدال بيروت بصنعاء؟

 

هل كان المشهد في اليمن هو نفسه ما يُحاك لبيروت قبل شهر، عندما أريد لها أن تواجه إيران عبر حزب الله ذراعها فيه، ولكنّ غطاء الإستقرار الدولي للبنان حال دون وقوع هذه المواجهة، فتمّ «ارتجال» نقلها إلى اليمن!!

 

أيّ متابع لسياق الأحداث خلال الساعات الماضيّة يستنتج أن الرئيس المقتول علي عبدالله صالح «ارتجل» المشهد اليمني المتفجّر يوم الأحد الماضي أعلن فضّ الشراكة مع الحوثيّين وفي أقل من 24 ساعة أرداه الحوثيّون قتيلاً أثناء فراره من صنعاء إلى مأرب فأدركوه على طريق سنحان وأعدموه برصاصة اخترقت رأسه من الخلف، وهو أمرٌ سيظلّ مثار تساؤل، لماذا أطلقوا عليه رصاصة واحدة من الخلف في رأسه، الأرجح أنّه أصيب بها داخل السيارة التي كانت تقلّه، وأن «لا إعدام ولا من يحزنون»!

سيناريو اليمن الذي انتهى بشكل دراماتيكي ومأساوي يؤكّد أنّ المواجهة مع أذرع إيران تأخّرت كثيراً، للأسف تأخرت السعودية سبعة وعشرين عاماً عن المواجهة مع إيران التي باتت على حدودها، رعتْ إيران الحوثيّين منذ العام 1990، وأهملت السعوديّة النّظر بجديّة إلى خطرهم عليها، مثلما أهملت خطر الخميني منذ عودته في العام 1979 إلى طهران وإعلانه عن مشروع تصدير إرهاب ثورته إلى العالم، وبدأ بزعزعة أمن ركن الحجّ الذي يجمع الأمّة كلّها في مكّة المكرّمة، عبر دعوته للتظاهرات المسمّاة «البراءة من المشركين»، حاولوا صرفه عنهم بحربٍ من العراق استمرت ثماني سنوات كانت كفيلة بتدمير الجيش العراقي وزعزعة اقتصاد قويّ خرج منهكاً إلى أقصى الحدود، وفشلت خطّة إبعاد شبح الخميني وإيرانه عن الخليج العربي وعن السعوديّة تحديداً!

انصرفت أميركا التي أتت بالخميني إلى طهران بالتكافل والتضامن مع حاميته فرنسا، إلى التكفّل بالبقيّة مع الإيعاز لصدام حسين باحتلال الكويت، استنزفت هذه الحرب دول الخليج العربي الباحثة عمّن يؤمّن أمنها، اتفقوا جميعاً وتغاضوا عن تدمير العراق، وهو السدّ التاريخي المنيع والأرض التي سقطت منها مملكة فارس، ونشأت عليها فتن الفرس منذ اختراعهم لـ»التشيّع»، ومنذ العام 1990 انصرفت إيران إلى التغلغل في كلّ خليّة من خلايا الجسد العربي الواهن، ظنّ العرب أنّ أميركا مانعتهم من صدّام حسين فيما هي تلقي بهم في التهلكة الإيرانيّة، سبعة وعشرون عاماً وإيران تبني وجودها في كلّ المنطقة، في لبنان واليمن والعراق والبحرين شارعاً شارعاً، تصرف أموالاً طائلة لتغيير الديموغرافيا ببطء وعـ»السكّيت» إلى أن قتلت الرئيس رفيق الحريري معلنة باغتياله وضع يدها على المنطقة العربيّة برمّتها، تغلغلت في مصر وأذرعها هناك نائمة، احتلّت سوريا ونشرت فيها التشيّع منذ العام 2003، والآن بلغ المشروع ذروة قوّته وسيطرته!

من تابع إعلام إيران في لبنان نهار الأحد استفزّه صمته إزاء الأحداث التي اجتاحت صنعاء و»لعلعة» علي عبدالله صالح، الذي لم يحضّر جيّداً للحظة انقلابه على الحوثيين، ربّما ظنّ أن طيران التحالف العربي سيقلب المعادلة لصالحه، مع أنّ هذا التحالف أثبت فشله عبر السنوات الثلاث الماضية في تغيير شعرة من القدر الذي رسمته إيران لليمن، وأوْكَد الدلائل على ذلك فرار صالح من صنعاء الذي قاده إلى حتفه!

الآن ما يعنينا في لبنان بعد هذه النهاية المأساويّة، أن يعي بعض المرتجلين أنّ غطاء الاستقرار الدولي الذي أخرجه من «خروم الإبر» والذي أخرج رئيس حكومة لبنان من السعودية، فنجونا من مخطط مرتجل لمواجهة حزب الله، ولكنّ فشل ما كان يحاك للبنان، نقل المواجهة إلى اليمن، وانتهت إلى ما انتهت عليه! ولكن، ماذا بعد؟!