السلَّة… هذا الإختراع السحري الذي وضعه رئيس مجلس النواب على طاولة الحوار، والذي وضع فيها رئاسة الجمهورية والقانون الجديد للإنتخابات النيابية، وتشكيل الحكومة… تحاور المتحاورون ثلاثة أيام وطلعت سلتهم فاضية، فلا الرئاسة تفاهموا عليها ولا قانون الإنتخابات تفاهموا عليه ولا حكومة ما بعد هذه الإنتخابات تفاهموا عليها… أراد رئيس مجلس النواب نبيه بري إنقاذ السلة في اللحظة الأخيرة فأضاف إليها مجلس الشيوخ، لكن السلة انفختت وتفرَّق المتحاورون.
وُضِع موعدٌ جديد للسلة في الخامس من أيلول، لكن كل التوقعات تؤشِّر إلى أنَّ ما فشل في آب لن ينجح في أيلول.
لكن ما دامت السلة موجودة فلماذا لا يتم ملؤها بمواد أكثر مطابقة للواقع ولإمكان التحقيق؟
بمعنى آخر، لماذا لا تكون هناك سلة تتضمن المواد التالية:
التيار الكهربائي ومولِّدات الكهرباء وآلية الإنتاج في ظل تعثر صيانة المعامل واستفحال مافيات المولِّدات.
التلوث البيئي من جراء تفاقم أزمة النفايات.
قضية الأجور التي أطلَّت برأسها من جديد بين ما يطالب به العمال وما يعجز عن تقديمه أرباب العمل، وما لا تستطيع السلطة التنفيذية تقديمه، في ظل العجز عن تحديد رؤية إقتصادية.
القضية القديمة الجديدة المرتبطة بالإنترنت غير الشرعي، وما بدأ يظهر من أنها تُنذر بمضاعفات تؤثر على هذا القطاع الحيوي.
قضية ازدحام السير التي تزداد أزمتها يوماً بعد يوم، فالتنقل بين بيروت وجونيه أو بين الأشرفية وفردان أو بين فرن الشباك ووسط بيروت، يستلزم الوقت بين بيروت والقاهرة وبين بيروت وأنقرة وبين بيروت واليونان.
هذه عيِّنة من مواد السلة التي يجب أن تعكف عليها طاولة الحوار في نسخة أيلول:
فقضية الكهرباء يُفتَرض بأركان طاولة الحوار ألا يختلفوا عليها، فهي تمس المصالح الحيوية لأربعة ملايين لبناني الذين ليس منهم مَن لا يعاني ارتفاع أسعار تعرفة المولِّدات، لماذا لا ترفع طاولة الحوار توصية إلى الحكومة بأن تتولى الرقابة المباشرة على المولِّدات أو أن تفرض ضريبة عليها؟
ففي أموال هذه الضريبة بإمكانها أن توفر جزءاً لا بأس به من صيانة معامل التوليد.
وقضية ازدحام السير بالإمكان الإنتهاء منها أو على الأقل التخفيف من حدتها من خلال إجراء مسح شامل للمخالفات على جانبي الطرقات لإزالتها وهذه المخالفات هي واحدة من العوامل الأساسية المسبِّبة لهذا الإزدحام، وأكثر المخالفات تتسبب به الأكشاك التي يبدو أنَّها محمية، فهل تُقدِم طاولة الحوار، بنستخها الجديدة، على رفع هذه الحمايات؟
حضرات القيمين على مصير الوطن المتردي وبالتالي مستقبلنا، إختبروا هذا النوع من طاولة الحوار، فقد يكون أفضل بكثير من الطاولة التي تمَّ اختبارها منذ أحد عشر عاماً ولم توصل إلى أي نتيجة.