ضرب “حزب الله” ضربته وردّت إسرائيل بانضباط وانتهى أسبوع التحمية والمخاوف من اشتعال حربٍ ضارية الى خسائر في الحديد والاشجار، كما قال الرئيس فؤاد السنيورة.
والحال أن سياق التطورات لم يكن يسمح بتصور سيناريوات أُخرى. فمنذ لحظة الاعتداء على الضاحية الجنوبية والمركز الاعلامي لـ”حزب الله” بطائرتين مسيرتين، بدا أن “الحزب” لن يقف مكتوف اليدين، وهو الذي لا يدع مناسبة إلا ويهدّد فيها بضرب اسرائيل ومستوطناتها واعداً بتحرير القدس والصلاة فيها.
وزاد في التوقعات بشأن حتمية الردّ، ارتفاع منسوب الخطاب الايراني عن القدرات التي يتمتع بها محور المقاومة، ووصل هذا الخطاب حد القول بقدرة “حزب الله” وحده على دحر العدو الاسرائيلي، بحسب مسؤولي الحرس الثوري.
كان هجوم عقربا السورية سبق هجوم الضاحية بساعتين تقريباً، وفيه سقط عنصران لـ”حزب الله” يقاتلان في سوريا وتتهمهما اسرائيل بالاعداد لهجوم ضدها، وعندما خرج الأمين العام لـ “الحزب” السيد حسن نصرالله بعد الحادثين ليعلن حتميّة الرد، وأن أي هجوم في سوريا سيجري التعامل معه في لبنان، أخذ الجميع في لبنان هذا الكلام في الإعتبار، واستعادوا مشاهد حرب تموز عندما لم يبق جنوبي أو بقاعي في أرضه، وتحولت المنشآت والطرقات والجسور إلى حطام.
على المستوى الرسمي، تبنى رئيس الجمهورية موقف “حزب الله”، وترجم ذلك بقوله إن الاعتداء الاسرائيلي هو إعلان حرب، وسار مجلس الدفاع الأعلى في الطريق نفسه، وحرّك رئيس الحكومة اتصالاته الدولية والعربية، وأوعز وزير الخارجية بشكوى الى مجلس الأمن.
ما يجب ملاحظته هنا أن التحرك الرسمي اللبناني انطلق من ضرورة مواجهة حادث الاعتداء على الضاحية وضبط التحرك الاسرائيلي في المستقبل ضمن خطوط القرار 1701، ولم يتحدث الرسميون اللبنانيون أبداً عن مصير ودور مقاتلي “حزب الله” في سوريا، وهم الذين هدد نصرالله بالانتقام لهم عبر لبنان.
هذه الخلفيات، إضافة لمعرفة الجميع بطبيعة موازين القوى وحجم نتائج أي معركة مفتوحة، فرضت طبيعة الرد وربما التوقيت (بعد احتفال أمل وعشية ذكرى عاشوراء) ولنا ان نرى في ما حصل بدايه تطبيقية لاستراتيجية دفاعية يتحدد فيها دور الميليشيا بدقة ضمن سياسة عليا ترسمها الدولة عبر رموزها ومؤسساتها.