IMLebanon

الردّ على غارة القنيطرة تحت السقف الأميركي!

بعيداً من السيناريوهات الإستخبارية والتقييمات الأمنية لما جرى في القنيطرة، لا شك في أنّ «حزب الله» وقع في خطأ أمني، نتيجة إحساسه بفائض الثقة بالنفس، وبإمكانية الحركة والتحرّك في مجالات تبيّن أنها خطوطٌ حمر إسرائيلية، لم يأخذها على محمل الجدّ.

وبعيداً أيضاً من الخطاب التآمري ومحاولة لصق تهمة رعاية إسرائيل «للتكفيريين» والتنسيق معهم، من نافل القول إنّ الستاتيكو القائم في سوريا منذ اندلاع الحرب فيها، يعود الفضل في جانب منه إلى قرار إسرائيلي بإطالة عمر النظام، فيما المستقبل لا يُنبئ حتى الساعة بإمكانية الإعتماد على طرف او أطراف بديلة لتقديم ما كان يقدّمه هذا النظام من خدمات ساهمت في الإستقرار الذي نعمت به الجبهة السورية منذ نحو 40 عاماً.

«بنك الأهداف» الإسرائيلي لا يحتاج الى ظروف ملائمة، فيما انهيار الدولة السورية، حوّل حدودها ساحات لتبادل الرسائل، تماماً كما هي حال لبنان.

ولعلّ الغارة الأخيرة في القنيطرة جاءت لتدقّ مسماراً غليظاً في نعش ما تبقّى من سوريا، التي كانت فيما مضى «دولة إقليمية»، بعدما تحوّلت اليومَ أشلاء.

لم تُقلق هذه الغارة كثيراً المراقبين السياسيين والعسكريين في واشنطن، على رغم صدور إنتقادات غير رسمية كانت تفضّل عدم إقدام إسرائيل عليها، في وقت يُطلق بعض المسؤولين الأميركيين في مجالس خاصة إنتقادات لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو منذ حادثة باريس، وما تلاها من تحريض لليهود الفرنسيين على الهجرة الى إسرائيل.

يُشّكك الأميركيون في احتمال أن تردّ إيران على الغارة، في وقت تواجه فيه كمّاَ هائلاً من التحدّيات، سواء داخل سوريا او العراق، او في علاقاتها مع الغرب، او في ملفّها النووي، او في أوضاعها الإقتصادية الصعبة.

ويؤكد البعض أنّ قرار الردّ هو في يد طهران وليس في يد «حزب الله» الذي سيسعى الى توظيف تلك الغارة في خطابه تجاه الداخل اللبناني، وليس الخارج. وإذ يستبعدون عدمَ حصول أيّ شكل من أشكال الردّ، إلّا انهم يؤكدون أنه سيبقى ضمن حدود منضبطة ومحسوبة. فالعلاقة مع إسرائيل أكثر تعقيداً، ومظلة حمايتها الدولية لا حدود لها، خصوصاً في هذه المرحلة.

ويلفت هؤلاء إلى أنّ الغارة الإسرائيلية لم تجد أدنى صدىً أو إدانة، لا إقليمياً ولا دولياً خصوصاً لا شعبياً، على رغم أنها جاءت في جانب منها في سياق اللعبة السياسية الإسرائيلية قبيل الإنتخابات المقبلة.

فالقتلى سقطوا على أرض سورية، فيما المنطقة تسأل عما يقوم به الإيرانيون ومقاتلو الحزب في القنيطرة، بعيداً بالطبع من لعبة المقاومة؟

والأميركيون الذين يركّزون هذه الأيام على سبل تعزيز جبهة محاربة الارهاب، لا يسعهم قبول التلاعب بالحدود الدولية، خصوصاً مع إسرائيل.

يقول مصدر ديبلوماسي عربي تؤدّي بلاده دوراً محورياً في ما يجري في المنطقة: «إنّ غضّ الطرف الدَولي عن التورّط الإيراني في سوريا لطالما إعتمد على موقفها من إسرائيل، وأيّ إخلال فيه سيُعرّضها لأثمان. فالحرب في سوريا تحوّلت مستنقعاً يغرق فيه عدد كبير من اللاعبين الإقليميين، وما إطالة أمد الصراع فيها سوى تعبير عن استحالة «تكليف» طرف بعينه تولّي هذا الملف».

ويضيف المصدر: «طالما أنّ الأمر ظلّ بعيداً من إسرائيل، فإنّ لعبة الرسائل المتبادَلة توسّعت أخيراً لتشمل الردّ على ما اعتبرته إيران ضغوطاً تُمارَس عليها خلال مفاوضاتها النووية، عبر سلاح النفط، على ما قاله وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أمس الأول».

ويسأل هذا الديبلوماسي: «هل إنّ الهجوم على القصر الرئاسي في صنعاء عامل استقرار للمنطقة، مثلما تسعى طهران للترويج له عن دورها، أم أنه رسالة إيرانية مباشرة تجاه دول الخليج؟ وكيف ستتفاعل واشنطن ودول الخليج مع هذه التهديدات، في وقتٍ تتحدّث وسائل إعلام أميركية عدة عن احتمال إقفال السفارة الأميركية وإجلاء العاملين فيها؟»