IMLebanon

تقرير عاجل لاحدى السفارات: الوضع خطير

لم يتفاجأ احد من المنحى الذي اتخذته التطورات خلال الساعات الماضية في ساحة رياض الصلح.فالجميع ادرك منذ ما بعد ظهر السبت ان الامور فلتت من يد منظميها على حدّ قول مصادر متابعة، مع نجاح التيار الوطني الحر في احتواء التحرك المدني، وهو ما برز في الشعارات التي اطلقت من جهة، والعنف في مواجهة القوى الامنية، من جهة ثانية ، بعدما كان فشل التحرك الشعبي الذي دعا اليه العماد عون، الذي وجد اليوم الفرصة السانحة له للثار.

كالعادة لم تتأخر الطبقة السياسية في محاولة تعزيز مواقعها على حساب ما يحصل في الشارع ، من مسرحية جنبلاط – المشنوق حول الاستقالة، مرورا بالاطلالات عبر الشاشات، وصولا الى «مزحة» النائب نبيل نقولا بتعليق عضويته في البرلمان، الاجراء الذي لا معنى سياسياً او دستورياً له بحسب المصادر، فيما وقف رئيس الحكومة في «بوز المدفع» مهددا هذه المرة، «ما لم ينتج مجلس الوزراء يوم الخميس فلا داعي لوجوده بعد اليوم»، سلاح شهره في وجه القوى السياسية كفرصة اخيرة قبل ان يعمد الى اتخاذ الخطوات المناسبة، والتي رأت مصادر مقربة منه ان خيار الاستقالة اصبح خارجها، «معتبرة ما يجري بمثابة رسالة واضحة لرئيس الحكومة بعد دعوته لجلسة حكومية الخميس لبت بنود اساسية يطالب بها المتظاهرون»، مؤكدة ان سلام «قرر الرد والانتقال الى الهجوم»، كاشفة ان «قراراً اتخذ بالتوافق بين الرؤساء بري، سلام، الحريري وجنبلاط، بالتعاون مع وزراء الرئيس سليمان، يقضي باتخاذ القرارات اللازمة إما بالتوافق أو بأكثرية 18 وزيراً، بعدما تخطت الأوضاع كل الخطوط الحمر اقتصادياً ومالياً وأمنياً واجتماعياً ومعيشياً وبيئياً وصحياً ولم تعد تحتمل مزيداً من التعطيل والتأجيل.

وسألت المصادر هل يدرك المتظاهرون معنى الدعوة الى استقالة الحكومة والمجلس النيابي ؟ وما ستؤول اليه الاوضاع عندها؟، مبدية خشيتها في هذا المجال من ان البلد اصبح اكثر قربا من اي وقت كان من مؤتمر تاسيسي، محذرة من ان التحركات الجارية ستتحول الى اعمال عنف وستعزز الانقسامات على خلفيات طائفية، خاصة ان شارعا كبيرا بدأ يحس بان الحملة موجهة ضد رئيس الحكومة والموقع السني، رغم ادراك الكثيرين ان التحرك في احدى جوانبه يطال رئيس مجلس النواب من قبل جهة سياسية معنية، رد عليه «الاستاذ بانزال قوته الضاربة» الى الشارع، بحسب ما توحي اجواء المشاركين.

المصادر المتابعة اشارت الى ان حملة «طلعت ريحتكن»، كانت اعلنت عزمها التظاهر بشكل حضاري وسلمي في ساحة النجمة لايصال صوتها، وعليه جرت سلسلة من الاتصالات بين القوى الامنية المختلفة ، على ما درجت العادة لتنفيذ الخطط الموضوعة بالتعاون فيما بينها، في الحالات المشابهة، الا ان قيادة شرطة مجلس النواب ابلغت غرفة عمليات قوى الامن الداخلي رفضها السماح بدخول المتظاهرين الى باحة «الساعة» ، لان اي خلل امني سيكون من الصعب السيطرة عليه حينها ، عليه اتخذت الاجراءات الضرورية اللازمة لعزل منطقة مجلس النواب عن محيطها ، من خلال فرض طوق امني اقفل المداخل الستة المؤدية الى الساحة ، مع استثناء احدها من الاجراءات المشددة باعتباره «معبر طوارئ»، في هكذا حالات.

هكذا وصل المتظاهرون الى المنطقة فوجدوا طوقا امنيا شديدا فرضته وحدات من شرطة مكافحة الشغب ومجموعة من افواج التدخل في قوى الامن الداخلي، تساندها سيارات اطفاء تابعة لفوج الاطفاء، فيما انتشرت في الخطوط الخلفية قوى من الحرس الحكومي، وشرطة مجلس النواب، وقوة من الجيش تتلقى اوامرها من قيادة شرطة المجلس. وتتابع المصادر ان التحرك الذي بدأ سلميا ما لبث ان تطور بشكل دراماتيكي مع وصول مجموعات من الشباب الى منطقة الاعتصام، عمدت الى تشتيت و«بلف» الوحدات المنتشرة عند خط الدفاع الاول من الاسلاك الشائكة، من خلال تركيزها على محاولة اجتياز السياج وقطعه عند نقطتين معينتين، ما ادى الى انفجار الوضع ، في نفس الوقت الذي استطاعت فيه مجموعة اخرى من خرق المدخل المخصص لحالات الطوارئ، والوصول الى مسافة قريبة جدا من الساحة، ما دفع عندها بالقوى الامنية المنتشرة داخل مربع المجلس الى اطلاق النار بغزارة لوقف تقدم «المهاجمين».

وفي هذا الاطار اشارت مصادر 14 آذار الى ان معطيات توافرت منذ مساء الجمعة بالتواتر، عن عزم التيار الوطني الحر الاستفادة من التحرك الجاري وتحويل التظاهرات عن مسارها تمهيدا للتحكم بها، خدمة لاهداف وشعارات معينة، من خلال تأمين حشد عوني كبير، مشيرة في هذا الاطار الى وجود صور لدى الاجهزة المعنية لناشطين معروفين من التيار، متابعة ان خطة العماد عون نجحت مبدئيا ، مع فقدان حملة «طلعت ريحتكن للمبادرة» من خلال سقوط كل الاتفاقات التي ابرمتها مع القوى الامنية، حتى من خلال عجز «قيادييها» عن ثني المتظاهرين عن مهاجمة القوى الامنية بشكل عنيف، وصل الى حد القاء قنابل صوتية باتجاهها، ونجاح مجموعة من «اسر» احد العسكريين بسلاحه، قبل ان تتحرك العناصر العسكرية وتسترجعه مع سلاحه وتوقف المجموعة المعنية.

من هنا سالت المصادر من هو المستفيد من هذه التحركات ولمصلحة من تصب؟ داعية الى الانتباه جيدا من عدم تكرار تجربة السابع من ايار 2008 والتي بدأت بتحرك مطلبي عمالي قبل ان تتحول الى انقلاب عسكري وسياسي، محذرة من ان الاوضاع والظروف مختلفة هذه المرة، سائلة عن الجهة السياسية التي تقف وترعى المجموعة التي اطلقت على نفسها إسم «الحشد الشعبي» والتي ترفض الخروج من ساحة رياض الصلح قبل الدخول إلى السراي الحكومي.

«طلعت ريحتكن» فقدت المبادرة بشكل واضح ، وهو ما بينته التقارير وتسلسل الاحداث، فمن يقوم بالتحركات العنفية؟ ومن يجيّش الشارع ضد «رموز قيادية» في بعض المناطق؟

مساء امس ارسلت احدى السفارات في بيروت تقريرا عاجلا الى عاصمة بلادها، انتهى بخلاصة الوضع الامني خطير وهناك احتمال كبير بخروج الامور عن السيطرة، اذ يبدو ان شيئا ما يجري تحضيره في الخفاء، بدأ مع ضرب الجيش في التحركات الماضية واليوم القوى الامنية، مشيرة الى ان الايام القليلة القادمة ستوضح الصورة اكثر.