بعدما أفرغ المعاون السياسي لرئيس حركة أمل النائب علي حسن خليل ما في جعبته، كناطق حصري باسم الإستيذ الأب، رداً على “مطوّلة” ولي العهد القوي جبران باسيل وتخرّصاته، جاء دورالأسئلة الصِحافية، وكان السؤال الأوّل لمراسلة قناة الـ NBN الزميلة ليندا مشلب القاعِدة على يمين المعاون. أجاب “الإستيذ” جونيورعلى السؤال الأول واكتفى. حمل أوراقه وحاله ومشى تاركاً أسئلة معلّقة على شفاه من حضروا.
هذا الأسلوب من التعالي والتجاهل يجعل من المراسلين جزءاً صامتاً من ديكورات المؤتمرات، فما الداعي لدعوتهم؟ أما كان في إمكان صاحب السعادة أن يحذو حذو باسيل “الفهلوي” فيتحدث إلى كاميرا صديقة ويوزّع المونولوغ المصوّرعلى محطات التلفزة والراديو والنص الكامل على الوكالات.
لا أذكر أن كميل شمعون، دعا يوماً صحافيين، إلى مؤتمرٍ وتمنّع عن الإجابة على اسئلتهم. ولم أشاهد يوماً صائب سلام أو كمال جنبلاط أو سليمان فرنجيه (الجد) أو صبري حمادة أو بشير الجميل أو جورج حاوي يعقدون المؤتمرات الصحافية من دون صحافيين. ومثلهم اليوم سمير جعجع ووليد جنبلاط وشخصيات سياسية وازنة.
عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت، أجاب على أسئلة الصحافيين اللبنانيين والفرنسيين من دون تبرّم. أيظن النائب الفار من وجه العدالة، بالتوصيف الموضوعي، أنه أهم من رئيس الجمهورية الفرنسية؟ وهل خُيّل لحبيب قلب عمّه أنه أرفع من أن يقدم طروحاته من دون أن يسمع سؤالاً. ليتضع ويسمع. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من موقعه الأممي، استمع إلى كل من التقاهم في بيروت ولم يلقِ على اللبنانيين عظة من غرفة الفندق.
الصحافي بخلاف ما يظن الناطقون بلسان رؤسائهم، أو الرؤساء انفسهم، ليس آلة تسجيل أو مستمعاً أو مصفّقاً أو مطبّلاً أو أداة، الصحافي يسأل ويحاور، ليس لأنه حشري وحرتقجي، بل لأن وظيفته أن يسأل ويستوضح ويتحرّى. في آب الماضي أشعلت مراسلة الجديد رواند أبو خزام مواقع التواصل الإجتماعي، بصورة لها من مجلس النواب، تنتظر أن ينهي جبران باسيل مطوّلته، ولا تنظر إليه. بدت أبو خزام في وقفتها، وشبك يديها، متبرّمة ومنزعجة لاضطرارها أن تستمع إلى تصريح، وهي مدركة سلفاً أن باب الأسئلة مقفل.
بناء على ما سبق، أتمنى على المراسلين والزملاء مقاطعة أي مؤتمر صحافي، لأي معاون أو فهلوي أو وزير عادي أو سوبر يطلب منهم فيه أن يكونوا مستمعين كراماً.