Site icon IMLebanon

تمثيل وحقائب  

 

توحي النظرة الى ظاهر الأمور بأنّ عملية تشكيل الحكومة متوقفة، أو إنها تسير ببطء سلحفاتي. إلاّ أن هذا الإيحاء الذي تبرّره الظواهر لا يعكس حقيقة ما يجري على الأرض بعيداً عن الإعلام حيناً وبعيداً عن الأنظار في كل حين.

 

والواقع أن إنطلاق الرئيس المكلّف من فكرة عدم تبديل أساسي في الحقائب «السيادية» الأربع من شأنه أن يذلّل إحدى الصعوبات الكبرى التي تعترض التأليف، هذا إذا تجاوب أصحاب الرأي في الكتل الكبرى المعنية مع هذه الفكرة التي هي «أقل كلفة» من أي بحث آخر ينطلق من «فتح باب جهنم» (كما قال مرجع كبير) في حال طرح التعديل في حقائب الدفاع والداخلية والخارجية والمالية. وفي المطلق يبدو أن هناك «استحالة» في أخذ المالية من الطائفة الشيعية ولو مقابل إبدالها بالخارجية أو الداخلية أو الدفاع. وهذا موقف ثابت يتمسك به الثنائي الشيعي شرطاً أساساً للمشاركة في الحكومة… كما بات معروفاً.

وبالتالي تعتبر هذه العقدة محلولة. وتبقى عقدتان كبيرتان، وكل منهما تتفرّع منها عُقد وليست عقدة واحدة. أولاهما عقدة تمثيل «الأقليات»: العلويون (في الجانب المحمّدي) والسريان أو… (في الجانب المسيحي). وهذه العقدة تفترض، في حكومة الثلاثين، أن يتنازل السنة عن مقعد لمصلحة العلوي، وفي الجانب المسيحي أن يتنازل الموارنة عن مقعد لمصلحة السرياني (أو الأقلوي… كائناً من يكون). ولما كان هذا التنازل غير وارد طلع الرئيس العماد ميشال عون بـ «حل» رفع عدد الوزراء الى 32 بدلاً من 30 والإثنان الزائدان أو المضافان يكونان للأقليتين. إلا أن هذا الحل لم يجد قبولاً لدى الرئيس سعد الحريري الذي لا يريد حكومة «فضفاضة» أكثر مما هي عليه مع الثلاثين وزيراً.

والعقدة الثانية الكبيرة هي تمثيل القوات اللبنانية التي تطالب بستة وزراء (موازاة بالتيار الوطني الحر). وهذه لم يتم التوصل الى حلها بعد. فالإتجاه لدى الرئيس المكلف ستة وزراء للتيار (باستثناء حصة رئيس الجمهورية) وأربعة للقوات اللبنانية. والإتجاه (إذا صحت المعلومات المتوافرة) أن القوات ستقبل أخيراً بهذا العدد، وإن كان الخلاف لايزال قائماً بالنسبة الى ماهية الحقائب. وفي المعلومات إياها أن معراب تخلّت عن «الوزارة السيادية»، إلا أنها لم تتخلّ بعد عن وزارات بعينها منها وزارة الطاقة الى جانب نيابة رئاسة الحكومة. وهذا لا يزال موضع خلاف بين القوات والوزير جبران باسيل، أما الرئيس سعد الحريري فهو غير معني بهذا الخلاف، من حيث التفاصيل، إلا بمدى تأثيره على عملية التأليف عرقلة وتأخيراً.

وأما والحديث عن المعلومات المتوافرة فإنها تفيد أخيراً بأن القوات لن تلجأ الى ما يسهّل أو «يبرّر» عملية دفعها الى خارج الحكومة التي ستدخلها ولو بـ«ربع حقيبة» كما قال قيادي فيها، من باب المبالغة ليس من أجل الإستيزار على الإطلاق، إنما لأن المرحلة الآتية دقيقة داخلياً وإقليمياً ودولياً وأيضاً هي دقيقة وحاسمة مالياً واقتصادياً ونفطياً… ولا تريد القوات أن تعاين هذا المشهد عن بعد، إنما تريد أن تكون في صلب القرار التنفيذي، وهذا لا يتوافر إلا من باب المشاركة في الحكومة.