تحوّل شعار «التغيير» في موسم الإنتخابات النيابية ماركة تسويقية يطرحها كل مرشّح من أجل كسب الرأي العام، والوصول إلى الندوة البرلمانية بأكبر عدد من الأصوات.
تبقى رغبة التغيير راسخة في قلب كل لبناني ثار في 17 تشرين آملاً في قلب الوضع رأساً على عقب بعدما زرع الإحتلال السوري، وبعده «حزب الله»، سلطة كرّست مبدأ الفساد والتخلّي عن السيادة، لكن الواقع لم يكن على قدر آمال الشعب الذي يعيش الإنهيار كل يوم، وقد وصلت درجة الإنحطاط إلى المسّ برغيف الخبز.
كانت الإنتخابات النيابية لتشكّل محطّة مفصلية في الواقع اللبناني لولا تشرذم القوى المعارضة، من سيادية وتغييرية على حدّ سواء، فباتت المعارضة تُقسم إلى معارضات وتنقسم إلى 4 أجزاء تقريباً، وهي القوى السيادية حيث تشكّل «القوات اللبنانية» عمودها الفقري، القوى التغييرية وتنقسم إلى نواب سياديين وآخرين قريبين من «الممانعة» والمقاومة، وكذلك تتألف المعارضة من كتل قد تبرم صفقة مع السلطة الحالية وعلى رأسها كتلة «اللقاء الديموقراطي» وتكتل قدامى «المستقبل».
وفي حال اتفقت المكونات المعارضة مع بعضها البعض فإنها قادرة على فرض شروطها على الإستحقاق الرئاسي وربما إنتخاب رئيس تطمح إليه غالبية الشعب اللبناني، لكن الضياع قد يسمح لـ»حزب الله» بفرض شروطه مجدداً.
وأمام هذا الواقع الذي سيتحوّل مريراً، فإن النواب التغييريين أمام فرصة تاريخية لإنتخاب رئيس سيادي وإصلاحي، لكن اللافت هو أن إجتماع الإثنين الماضي في مجلس النواب شكّل نواة كتلة ربما تتفاهم على المواضيع الكبيرة وعلى رأسها الملفات السيادية والإصلاحية.
وفي السياق، فإن الشعب الذي انتخب هؤلاء النواب يشجّعهم على استكمال هذه الخطوات، وإذا كان النائب مارك ضو مثلاً يشكّل رأس حربة إصلاحية وسيادية ولديه مواقف واضحة من الملفات المطروحة، فإن هناك علامات إستفهام تطرح حول عدد من النواب التغييريين المتهمين بقربهم من «الممانعة» ويحاولون تخريب الإتفاق مع القوى المعارضة الأخرى من أجل السماح لـ»الحزب» بفرض شروطه أو خدمةً لأجندات مبهمة.
وما بات واضحاً أن القوى السيادية لن تسمح بوصول رئيس من 8 آذار وقد تستخدم سلاح النصاب بوجه مرشّح «حزب الله» ما يجعلها بموقع قوّة في الإستحقاق الرئاسي، لكن هذا الأمر لا يمكن ان تفعله فقط كتلة «القوات» وكتلة «الكتائب» وحركة «الإستقلال» ونواب أمثال أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، بل يحتاج إلى مساندة من نواب تغييريين في حال سار «اللقاء الديموقراطي» أو قدامى «المستقبل» بالتسوية مع «حزب الله».
من هنا، ينتظر الشعب اللبناني أن يتخذ النواب، الذين علّق عليهم آمالاً كبيرة، خطوات جريئة في الإستحقاق الرئاسي، لأنه لا يمكن فصل المطالب الإصلاحية عن السيادية خصوصاً وأن الوضع وصل إلى ما هو عليه اليوم بفعل إضمحلال الدولة وتحالف مافيا السلاح مع المال. لذلك، فإن الأسابيع المقبلة مصيرية وتنتظر أن ينضم النواب التغييريون إلى مركب السياديين لمنع إنتخاب رئيس يستكمل مسيرة وعهد العماد ميشال عون و»حزب الله» والممانعة.