Site icon IMLebanon

تخفيض النواب إلى 108.. كأنه لم يكن

هكذا تغيرت خريطة البرلمان من 1922 إلى اليوم

تخفيض النواب إلى 108.. كأنه لم يكن

ما قاله الوزير جبران باسيل عن تأييد «تكتل التغيير» لإعادة عدد النواب إلى 108 بدلاً من 128 لم يكن جديداً، سبق أن تردد هذا الأمر في أكثر من مناسبة، لا سيما في العام 2103. ذلك مطلب قديم للقوى المسيحية التي غيّبت عن السلطة بعد اتفاق الطائف. فهذه القوى مؤمنة أن المقاعد العشرين التي أضيفت، أتت على حساب «التمثيل المسيحي السليم»، في حقبة الوصاية السورية.

لا يتردد الوزير السابق ألبير منصور في الإشارة إلى أن المخابرات السورية كانت وراء تلك الزيادة، التي أرادت أن تضمن من خلالها بعض المقاعد لحلفاء لم يكن بإمكانهم الترشح في مناطقهم لعدم وجود مقاعد لطوائفهم.

لكن تلك الزيادة لم تأت من فراغ. لطالما شهد لبنان تعديلاً في عدد النواب، فتارة يرتفع وتارة ينخفض، بلا معيار واضح سوى مصالح السلطة التي تكون حاكمة في حينه.

صدر القانون الأول في العام 1922، مكرّساً التوزيع الطائفي ـ المناطقي للنواب بقرار من حاكم لبنان الكبير، الذي حدد عدد أعضاء المجلس بـ30 نائباً. بعدها مرّ على لبنان 13 نظاماً انتخابياً بحسب دراسة أجراها الدكتور عصام إسماعيل (الجدول المرفق جزئ من الدراسة)، إلا أن القاعدة الطائفية التي حكمت كل التغييرات حتى العام 1990 ظلت مضاعفات 6 نواب مسيحيين مقابل 5 نواب مسلمين. كما أن التعديلات في عدد النواب لم يكن دائماً نحو الزيادة. بعد الثلاثين نزل العدد إلى 18، قبل أن يرتفع إلى 42 فـ55 ثم 77. بعدها عاد العدد إلى 44، قبل أن يرتفع مجدداً إلى 66، فيستقر في العام 1960 على 99 نائباً وتستمر الصيغة إلى العام 1990، حيث تقرر في «الطائف» رفع العدد إلى 108، التزاماً بالمناصفة التي اتفق عليها في الاتفاق. ولذلك زيد عدد المسلمين من 45 نائباً إلى 54، فتساوى مع عدد المسيحيين، للمرة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر. إلا أن هذا التعديل لم يترجم في أي انتخابات، إنما اقتصر تنفيذه على القانون رقم 51/91 تاريخ 23/5/1991، الذي نص على تعيين بديل عن الأعضاء المتوفين (26 نائباً، إضافة إلى 9 نواب مسلمين، تم توزيعهم بما يراعي تعديل الحصة الشيعية لتتساوى مع الحصة السنية (كان قانون 1960 ينص على ان تكون حصة السنة 20 نائباً وحصة الشيعة 19). أما هذه المقاعد فهي: 3 شيعة في كل من صور والزهراني وبعلبك ـ الهرمل، 2 سنة في بيروت وطرابلس، 2 دروز في بيروت ومرجعيون ـ حاصبيا، 2 علويين في طرابلس وعكار. وقد أدى هذا التعديل إلى اعتراض الكاثوليك الذين كانوا تاريخياً متساوين مع الدروز في عدد المقاعد (6 مقاعد)، فإذ بالتعديل يجعل الدروز ثمانية.

لكن المفاجأة كانت في قانون الانتخابات الصادر في 22 تموز 1992، حيث أضيف 20 مقعداً، فصار عدد أعضاء المجلس 128 نائباً، وقد أتت الزيادة على الشكل التالي:

10 مقاعد مسيحية: 4 مقاعد مارونية في كل من المتن وكسروان وطرابلس والبقاع الغربي ـ راشيا، 3 أرثوذوكس في كل من عكار والكورة والمتن، 2 كاثوليك في المتن وزحلة (بما أدى إلى تعادل مقاعد الطائفة مع عدد مقاعد الدروز) وواحد أرمن أرثوذوكس في زحلة.

10 مقاعد مسلمة: 5 مقاعد شيعية في كل من البقاع الغربي ـ راشيا، بنت جبيل، بيروت وبعبدا و5 مقاعد سنية في المنية ـ الضنية، عكار، البقاع الغربي ـ راشيا، بعلبك وصيدا.

يؤكد الرئيس حسين الحسيني أن فكرة رفع عدد النواب إلى 128 لم تكن مفاجئة، فقد سبق أن طرحت في «الطائف» من قبل الفريق الممثل للاتفاق الثلاثي (إيلي حبيقة و «جبهة الخلاص الوطني»)، لكن العقبة تمثلت في أن الزيادة ستعني إضافة أكثر من ثلث أعضاء المجلس، بما يجعل المجلس النيابي بحالة استقالة حكمية، فأزيحت الفكرة.

العشرون نائباً هما بيت القصيد. زيادتهم خلقت اعتراضات مسيحية لا تنتهي، كان آخرها ما أدلى به باسيل عن الإصلاح المتمثل بإلغاء العدد الذي زيد. مع ذلك، يبدو جلياً أن باسيل نفسه لن يكرر مطلبه أبداً. زملاؤه في الكتلة يستغربون لماذا طرحه في الأساس. أحدهم يعتبر أنه أخطأ في تقديره لواقع تلك المقاعد. فإسقاطها على الظروف الحالية يكشف أن المقاعد المسيحية ليست «مرتهنة للصوت المسلم». بين المقاعد العشرة، يوجد خمسة مقاعد على الأقل تستطيع الكتل المسيحية أن تتحكم بها (3 في المتن، واحد في كسروان، واحد في الكورة)، علماً أن مقعدي زحلة كانا حتى العام 2005 في يد المسيحيين. ما يعني أن الإشكالية المسيحية تنحصر بمقعد طرابلس الماروني والمقعد الأرثوذوكسي في عكار، والمقعد الماروني في البقاع الغربي، وإن يمكن لطبيعة التحالفات التي تعقدها القوى المسيحية ان تعطيهم المقعدين الأخيرين.

يؤكد منصور أن كل النقاش في ذلك الحين أجري خارج إطار اتفاق الطائف، حيث كان كل فريق يبحث عن زيادة حصته. أما دعوة باسيل إلى إعادة عدد النواب إلى 108، فلا يراها من زاوية العودة إلى الطائف، إنما يعتبر أن كل النقاش يطرح خارج إطار الطائف، الذي لو طبق لكان يفترض أن يكون المجلس الحالي مجلساً وطنياً خارج القيد الطائفي.