Site icon IMLebanon

وزارة دولة لشؤون قمع الحرّيات

 

“أقوى من هيك ما في…” حققنا حلم إلغاء وزارة الإعلام. وزارة المهجرين باتت من الماضي. الكهرباء 24/24 والمياه في كل الحنفيات على مساحة الـ10452. وزارة البيئة تحصد جائزة “أنظف بحر في العالم” تليها جائزة “صفر تلوث”. الديبلوماسية تفوقت على نفسها ولم يعد لخير الدين الأحدب وسليم تقلا وحميد فرنجية وجواد بولس وسليم لحود وشارل مالك وفؤاد بطرس وجان عبيد انجازات تُذكر. وزارة الاقتصاد “راعبة أكبر حرامي وأذكى غشّاش”. وزارة الداخلية سلّمت ملف السجون إلى وزارة العدل، و”العدل أساس الملك”. وزارة الدفاع تمسك زمام “الحرب والسلم” من دون وجود مسدس 5.5 مم خارج إطار الشرعية. وزارة التربية بـ”اللوج”. نائب رئيس مجلس الوزراء بات لديه مقره الرسمي. وزارة المال لديها تخمة من فائض الجباية. الاتصالات توزع “مع كل خط مبنى”. وزارة الصحة أمنت الطبابة المجانية للجميع ومن دون “إيد واجر”. وزارة السعادة تبحث بالسراج والفتيلة عن مواطن تعيس ليربح المليون. والأهم، صار عنا وزارة تخطيط (تصميم)، يعني الحفريّات عالأوتوسترادات “مرة مش 10 مرّات”. وزارة الأشغال أنجزت مشروع التاكسي البحري ورممت سكك الحديد لإعادة انطلاق القطار السريع. صار لدينا 3 مطارات. التعيينات الإدارية تعتمد مبدأ الكفاءة والشخص المناسب في المكان المناسب. الطبقة الوسطى تعيش بثبات ونبات وصبيان وبنات. النمو تجاوز الـ%12 والعجلة الاقتصادية تنافس “الدرونز” في التحليق. الجوع ممنوع والعتب مرفوع. الرابطة المارونية لم تعد للموارنة الأقحاح دون سواهم. صناديق المال مقفلة والهيئة العليا للإغاثة متفرغة لأعمال الخير العام ومواكبة التطوير وإغاثة الغزلان ومساعدتهم وتوجيههم لمنع الاصطدام بالميترو عن طريق الخطأ.

 

بالمختصر. ورشة مفتوحة لتنفيذ مشاريع ينتج عنها “صفر بطالة، صفر هدر، صفر مخيمات، صفر محميّات وصفر جرائم”.

 

ويأتيك من ينتقد الدولة بكل وقاحة غير آبه بإنجازاتها التي عددنا الجزء البسيط منها نظراً لضيق المساحة في عصر السرعة.

 

هنا جريدة لا تعرف حدودها ترفع الصوت السيادي في مواجهة الخامنائية السياسية، وهناك منبر إذاعي انتحاري لا يزال حراً. هنا مواطن تنكّر لإنجازات دولته فتحدث زوراً عن قصة الليرة مع الدولار، وهناك من خرج علينا بإخبارات عن سرقات وسمسرات غير موجودة أصلاً.

 

يجب محاكمة كل هؤلاء. فمن غير المسموح تناول منظومة حكم لا غبار عليها ولا من يغبرون. نحن شعب خُلق ليعترض، لا يعرف قيمة حكّامه ولا يريد الإقرار بتفوقهم الإبتكاري لبناء الوطن الأفضل وتحقيق الإنماء المتوازن ومواكبة الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، نحن شلّة لا تُقدِّر عفاف تلك الزمرة عن سرقة المال العام. وبالتالي، صارت الضرورة ملحّة لتعديل وزاري وإنشاء “وزارة دولة لشؤون قمع الحريّات”، مهمتها ردع المتطاولين أمثال هذا المنبر، ومنعهم من التجني بدلاً من التغني بالإنجازات الكثيرة. لا يهم شخص الوزير فكلهم أكفاء. المهم أن يكون بالحد الأدنى “فهيم… ولئيم”.