بيروت التي تغلي بعد أسبوع أُهينت فيه كما لم تُهن في تاريخها، وأهلها الذين كانوا يتفرّجون على حالة الخرس التي انتابتْ معظم نوّابها، مع أنّهم يقفزون من شاشة إلى أخرى يوميّاً، كما كان أهلها يتفرّجون على «تخاذل» رئيس مجلسها البلدي بلال حمد وشروحاته العقيمة عن «عدم وجود «قطعة أرض» في بيروت تنقل مؤقتاً إليه نفايات العاصمة «التي استباح شوارعها «زعران» سرايا المقاومة في مخطط تفوح منه رغبة بإحراق «بيروت» عبر إحراق نفاياتها!!
يستطيع أهل بيروت أن يعاقبوا نوّابها عبر صندوق الانتخابات المقبلة إلا إن حال الاصطفاف المذهبي في البلد قد تحول دون ذلك، وقد يجدون أنفسهم مضطرين لتكرار بعض خياراتهم «السيئة» تجنّباً لـ «الأسوأ»، ولكنّ الأمر الذي لا بُدّ منه فهو محاسبة بلال حمد «رئيس المجلس البلدي» ومن معه، فالرّجل أظهر قمّة «التقصير» و»العجز» و»التخاذل» في إيجاد حلّ لأزمة النفايات التي اجتاحت يوميات البيروتيّين، فلم يصدر عن هذا الرّجل حرفٌ واحد عبر «الشاشات» يُخفّف من وطأة الأزمة، وعلينا أن نسأل: كيف وجدت «قطعة الأرض» ذات العشرة آلاف متر مربع في منطقة الكرنتينا وتمّ تفريغها من الآليّات المتوقفّة فيها فور إعلان محافظ بيروت زياد شبيب «مشكوراً» حال الطوارئ لإنقاذ العاصمة من جبال النفايات التي أقفلت شوارعها، ونحتاج إلى من يُفسّر لنا لماذا تأخّر هذا الحلّ؟ ولماذا لم يتمّ تنفيذه قبل أن تُهان بيروت على طرقات لبنان المقطوعة من برجا إلى الجية إلى عكار، حتى ظنّ أهل بيروت أنّ لبنان سيدفن عاصمتهم في نفاياتها؟!
بالأمس، وفي عزّ هذه الأزمة التي تكشّفت عن «وجوه الحقد» على بيروت، بدا أنّ «رئيس المجلس البلدي» بلال حمد يتصرّف على طريقة:»إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»!! فبعد «كتاب التأنيب» الذي وجّهه له وزير الداخليّة والبلديات نهاد المشنوق في «فضيحة» مقتل العريفين في فوج إطفاء بيروت عادل سعادة ومحمد المولى،والتي هزّت ضمير اللبنانيين في أيار الماضي، خرج بلال حمد بـ «بيان» قال فيه انه «لا يحق لوزير الداخلية والبلديات توجيه كتاب تأنيب لرئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت استناداً الى المادة 103 من قانون البلديات»، وأضاف أنّ «قرار معاليه غير قانوني»، بكلّ أسف لا نملك أن نقول إزاء هذا البيان إلا «اللي استحوا ماتوا»!! فبعد كلّ هذا الأداء الفاشل في إدارة أزمات بيروت، وأفظعها أزمة النفايات والتي تفتقت قريحة المجلس البلدي ورئيسه بالأمس عن «التمنّي» على الحكومة أن تسمح له بـ»تصدير» نفايات العاصمة!! ثمّ «لم يحمل رأس» بلال حمد أن يخرج بيان عن وزير الداخليّة يعلن أنه بنتيجة التحقيق في مقتل العريفين في فوج الإطفاء، تم إقالة ضابطين وتوجيه كتاب تأنيب لرئيس المجلس البلدي، هكذا… بكل بساطة، يقول بلال حمد «أنا فوق المحاسبة»!!
إنّ الموقف البديهي لرئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت هو أن «يتقدّم باستقالته» من مهامّه بعد أزمة النفايات الكارثيّة، حفظاً لماء وجهه بعد كلّ الفشل والعجز الذي أظهره خلال هذه الأزمة، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا ومع القارئ نقول:إنّ الانتخابات التي تنتج المجلس البلدي هي انتخابات «سياسيّة» ولا تتصل بجمهور المدينة الذي يجب أن يكون الناخب الأساس، وعلى أساس برنامج واضح في خدمة مدينة كـ»بيروت» أعرق عواصم التاريخ، وست الدنيا وشرفتها ونافذتها على العالم، وأمس واليوم وغداً على الحكومة أن تتحرك لمحاسبة»رئيس المجلس البلدي» على تخاذله عن إنقاذ العاصمة من أزمة النفايات باجتراح حلول سريعة، وإلا فلماذا يقبع على رأس هذا المنصب؟ وبعد بيانه الذي جاء بدون أدنى حسّ بالمسؤولية تجاه مقتل شابين ذنبهما الإخلاص والإندفاع لإنقاذ منطقة سكنيّة مكتظّة من كارثة محتمة، اعتبر بلال حمد أن «كتاب تأنيب» الوزير نهاد المشنوق له «غير قانوني»!! حضرة رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت، إنّ «القانوني» وسط هذه الكارثة التي عصفت ببيروت والتي وقفت فيها متفرّجاً معلناً عجزك، «القانوني» في هذه اللحظة وبمنتهى الواقعيّة أن «تعود إلى منزلك»، وأن «تُقيلك» الحكومة، لا أن تستقيل حتى من تلقاء نفسك، وهذا أمر نعرف أنّك لن تقدم عليك، لأنّك متمسّك جداً بهذه الرئاسة رغم عجزك عن القيام بأيّ من أعبائها،لأننا في أزمة وطنيّة وكبرى وحال طوارئ لإنقاذ المدينة!!