IMLebanon

الجمهورية بين اليقظة القصوى … والغيبوبة القصوى

لا طبقية في لبنان لكن الأداء يجعل المراقبين يعتقدون بأننا، وبالوقائع المفصَّلة، نعيش في جمهورية الطبقات، فمَن يُصدِّق أن الإدارة ذاتها عاجزة عن معالجة برميل نفايات فيما هي ذاتها قادرة على توقيف أخطر المطلوبين في عملية نوعية حازت اهتمام وإعجاب أكبر أجهزة الإستخبارات في العالم؟

***

والمقصود بالإدارة هنا، هذه التركيبة السياسية والأمنية والعسكرية التي تنضوي تحت مسمَّى السلطة التنفيذية:

بعض الأداء يجعل اللبنانيين في حالٍ من اليأس ليعتقدوا بأنَّ البلد في حالٍ من الإنهيار، وهذا ما تؤكده قضية النفايات، وبعض الأداء يجعل اللبنانيين في حال أمل وبأنَّ البلد إذا ما أُعطِيَ فرصاً فإنّه قادرٌ على القيام بواجباته على أفضل وجه، وهذا ما حصل بالنسبة إلى توقيف الشيخ أحمد الأسير، في عملية نوعية لم تسقط فيها نقطة دمٍ واحدة.

***

مما يدعو إلى اليأس والتيئيس، هذه الحكومة في بعض أعضائها، وهي بدورها لا تخلو من الطبقات في الأداء فبعض الوزراء يثيرون الإعجاب من فرط أعمالهم الجيدة، فيما البعض الآخر لا يوصِلون سوى إلى الإحباط، تصوَّروا مثلاً، لا حصراً، أنه عدنا إلى استخدام مصطلحات كانت قد استُخدِمَت قبل تشكيل الحكومة، فلا يجد أحدهم حرجاً في القول:

عدنا إلى زمن إطفاء المحركات! فهل يُعقل بعد أكثر من عام أن نعود إلى مصطلحات الفشل والتفشيل واليأس والتيئيس؟

***

أكثر من ذلك فإنّه فيما الإدارات الأمنية في حال يقظة قصوى، فإنَّ الإدارات السياسية في حال غيبوبة قصوى. تصوَّروا مثلاً أنّه في ظلِّ الأزمات المتلاحقة والمتراكمة، كجبال النفايات، والتداعيات من توقيف الشيخ أحمد الاسير، هناك مَن يزال يعتقد بأنَّ بالإمكان تأخير انعقاد جلسات مجلس الوزراء مدة أطول بعد، والصيغة المستخدمة، المضحكة المبكية بالتأكيد هي الحديث عن التريث في الدعوة إلى جلسة هذا الأسبوع افساحاً في المجال للإتصالات والمشاورات من أجل تفعيل عمل الحكومة وعقد جلسة منتجة تعالج شؤون الناس وتبتُّ الملفات العالقة.

ما هذه الفضيحة! وما هذه اليقظة؟

ألم يشبع الناس تريثاً؟

هل تكون معالجة الأمور الطارئة بالتريث؟

يا سادة، مَن فسر لكم أنَّ المعجَّل هو المؤجَّل؟

بالتأكيد إلتبس عليكم الأمر!

***

ثم، إلى متى التلاعب بالدستور؟

هل يجوز بعد كلِّ هذه الشهور من الأداء الحكومي أن نعود إلى نغمة أو مصطلح المقاربة أو الآلية؟

حيناً يتحدثون عن إجماع أصوات الوزراء في اتخاذ أيِّ قرار، حيناً آخر يتحدثون عن الإكتفاء بأكثرية ثمانية عشر وزيراً أي أكثرية الثلثين، فهل يجوز التلاعب بأعداد الوزراء كما يتمُّ التلاعب بأرقام الصفقات؟