IMLebanon

جمهورية تصريف الأعمال…. الحشد الشعبي والنفط

 

جمهورية تصريف الأعمال، تبدو رازحة الى حين، تحت أحمال تأليف الحكومة…. وزارات سيادية واخرى خدماتية من حق هذا الفريق أو ذاك، وفيتوات وشروط متبادلة ومتشابكة على الحصص، بما لا يقيم أي وزن لما نص عليه الدستور. الحكومة لا تشكّل وفقاً لوثيقة الطائف، بل وفقاً لتقاليد وأعراف «اتّفاق الدوحة» الذي أطاح مبدأ فصل السلطات. العرف السائد هو أن يتخلى كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف عن دوريهما ويتشاركان بحل أحاجي طالبي الحجوزات في الفندق الحكومي وتلبية ما يبتغون من الأطباق الوزارية المشتهاة، تجنباً للوقوع في محظور عدم تمثيل كافة المكوّنات وضرب الميثاقية!!!. طبعاً الميثاقية وما أدراك ما الميثاقية… ميثاقية لا تستقيم بدونها أي سلطة وتستحق أن تقدّم مصالح المواطنين ومستقبلهم قرابين على مذبحها!!! أما لجهة المكوّنات، كبرى المحظورات، فحدّث ولا حرج…. يدرك رؤساء الكتل النيابية أنّ المكوّنات الوطنية غير الممثّلة من نخب أكاديمية واقتصادية واجتماعية هي أكثر بكثير من تلك الموجودة داخل البرلمان.

يُخيّل للمراقب لدى معاينة هذا التزاحم المنقطع النظير على الحقائب أنّ الكتل النيابية المتسابقة على تحقيق المصلحة الوطنية قد سبق وأمطرت الحكومات والصناديق الدولية والجهات المانحة بسيلٍ من الدراسات والمشاريع والمخططات في كافة المجالات، وانّ لدى كلّ منها ما يحقق تطلعات اللبنانيين في تأمين الطاقة والمياه وحل مشكلة النفايات والمعابر غير الشرعية وتحقيق العدالة والإنماء المتوازن والشفافية والمساءلة!!! ألا يدرك كلّ هؤلاء أنّه سبق لهم جميعاً أن تناوبوا على هذه المسؤوليات وأنّ شيئاً واحداً لم يتغيّر، بل إنّ بعضهم قد بنى حضوره في ملف ما، ليس على ما قدّمه بل على فساد من سبقه، وبمعنى آخر أن الاشتباك الحاصل على الحقائب مبني على تنافس سلبي قوامه الفشل وعدم الثقة المتبادلين… وأنّ عقول اللبنانيين تختزن تجاربهم وتعيش مرارتها.

وبالعودة إلى «السياديين والنفطيين» من المتصارعين على الحقائب، نلفت عناية المهتمين منهم أنّه وفي لجّة صراعهم المحموم على المصالح الوطنية!!! فاتهم أن العدو الإسرائيلي قد أطلق في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني الحالي الدورة الأولى من المناقصات لتلزيم أربعة وعشرين بلوكاً نفطياً بحيث سيتم الإعلان عن العروض المقبولة في نهاية شهر آذار 2017، وأنّ الخرائط الموزعّة للتلزيم لا تحترم حقوق لبنان بل إنّ المنطقة المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي قد قُسّمت إلى ثلاث بلوكات حملت الأرقام (1) و(2) و(3). نفطيّو الدولة طبعاً غائبون وغير موجودين وجلّ ما حصل سابقاً في هذا المجال هو مزايدات داخلية وعنتريات لا تغني عن جوع… وطبعاً لا يؤمل منها خيراً.

وفي سياقٍ موازٍ، على مستوى التّحديات الخارجية وخرائط النفوذ الجديدة، لا يمكن إلا أن تستوقفنا تداعيات وآفاق قرار مجلس النواب العراقي شرعنة الحشد الشعبي. أصبح الحشد الشعبي قوّة رديفة إلى جانب القوات المسلّحة العراقية بتصرف القائد الأعلى للقوات المسلّحة، أي رئيس الحكومة، وخارج سيطرة وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة. لم تؤد مقاطعة نواب تحالف القوى العراقية وإصرارهم على ضرورة تحقيق التوازن بين مكوّنات الشعب العراقي وعدم إضعاف دور الجيش كمؤسسة جامعة وعلى اعتبار القانون نسفاً للشراكة الوطنية إلى أيّة نتيجة. أُقرّ القانون على الرغم من تسجيل عدة منظّمات لانتهاكات عناصر الحشد الشعبي، من تدمير متعمد لمئات الأبنية المدنية وإعدام مدنيين وتعذيب آخرين وتدمير دور للعبادة في محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى لأسباب مذهبية.

مع الرغبة الإيرانية في تعميم هذا النموذج على الأراضي السورية بعد الانتهاء من معركة الموصل التي جاءت على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، إلى جانب حملات تطويع مقاتلين في الحشد الشعبي تجري في العراق لصالح الحوثيين في اليمن، وفقاً لما ورد في صحيفة فايننشال تايمز أمس، وبالتوازي مع إعلان رئيس الأركان العامة للقوات المسلّحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، عن حاجة بلاده إلى قواعد بحرية في اليمن وسوريا، إما على الجزر أو على شكل قواعد عائمة في السواحل اليمنية والسورية عندما يأتي الوقت المناسب، تكتمل عناصر الهيمنة في الدائرة الضيقة التي تضم سوريا ولبنان والعراق من ضمن المشهد الإقليمي الأوسع.

أمام كلّ هذا الاستهتار وهذه اللامبالاة الإسرائيلية وأمام مخطط شرعنة الميليشيات المذهبية الزاحفة من العراق وأمام الرغبة في نشر هذا النموذج ليشمل سوريا براً وسواحل المتوسط، أمام كلّ ذلك، بأي إحباطٍ يُمكن أن ننظر إليكم أيها السياديون والنفطيون والخدماتيون المتصارعون على الحقائب الحكومية؟

أجل برغم الإحباط نُسائِلكم هل ترتقون إلى مستوى صوّن حقوقنا النفطية أو إلى القدرة على وقف مفاعيل تمددّ النماذج المذهبية العابرة للحدود ذوداً عن الوحدة الوطنية المهدّدة…. هل تجرؤون؟؟

مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات