كانت غلطة الشاطر بالمفرد فأصبحت اليوم بالجمع! حدث ذلك في اطار التدحرج الغريب للاستحقاق الرئاسي من المنبع الى المصبّ. وقد شارك أكثر من شاطر واحد في شقّ هذا المسار، وفي غمرة انهماكهم بهذا الحدث، غفلوا عن الخطأ الذي ارتكبوه باصابة الحليف الركن بنيران صديقة، وأحدثوا بذلك فوضي سياسية وشوشرة حيث أرادوا الحسم بهدف الاستقرار… ولأن أكثر من شاطر واحد ساهم في صنع هذا الخطأ، لذلك أصبحت غلطة الشاطر بالجمع وليس بالمفرد! وهذا ما يفسر أبعاد الموقف الصارم الذي اتخذه الرئيس بري، ليس لناحية انهاء الشغور الرئاسي، وانما لمواجهة الخطأ الذي ارتكب عند الإعداد لانجاز الاستحقاق. وأفضل وسيلة لتدارك الخطأ هو في تصحيحه…
***
على الرغم من كل ما يقال في هذه الآونة من تحليلات بريئة أو مغرضة، فان ما وصل اليه اليوم الاستحقاق الرئاسي قد تمّ، ولكن ليس من أجل أن ينتكس في ربع الساعة الأخير، ويعود الى خانة الصفر التي انطلق منها. والتحدّي الحقيقي هو ليس في انعقاد الجلسة النيابية وانتخاب الرئيس الجديد بعد طول انتظار، وانما التحدّي الأصعب هو في ما بعد ولادة العهد الجديد. وهذا لا ينفي واقع ان لبنان، على الرغم من حالة الاهتراء في الداخل والغليان في المنطقة، قد نجح في خلال السنوات الخمس الماضية من الصمود، وتحقيق انجازين خارقين: الأول، هو أن لبنان قام برحلة طويلة وشاقّة بين الحرائق دون أن يحترق أو يختنق بالدخان الأسود والسام الذي يحيط بأجوائه. والانجاز الثاني، هو في انه وضع قطار الدولة على السكة الدستورية باعادة الاستحقاق الى البرلمان وانتخاب الرئيس وفقا للأصول…
***
التحدّي الحقيقي هو ما سيكون عليه العهد الجديد… فاما أن ينجح في توليد حالة وفاق وطني سياسي جامعة، تكون هي الحاضنة لاصلاح النظام من أساساته، وتكون بديلا عن المؤتمر التأسيسي… واما الاستمرار في المماحكات والمناظرات والمزايدات الفارغة. وفي هذه الحالة، تدور محركات الزمن بالسرعة القصوى، وتمضي السنوات الست للعهد مثل لمح البصر، ودون أن يتحقق أو يتغيّر أي شيء! ويكون العهد الجديد مجرّد رقم حسابي يضاف الى ما سبق، وليس فاصلا بين جمهورية شاخت وهرمت، وجمهورية فتيّة تنبض بالحياة والطموح!