IMLebanon

جمهوريّة «أشرف الناس»!  

ماذا لو قرّر بالأمس ابن زحلة رجل الأعمال إبراهيم الصّقر أن يردّ مع مناصريه على محاولة خطف ابنته ماغي – سلّمها الله – بقطع الطرقات وإحراق الدواليب من جونية إلى زحلة وقرّر إنشاء جناح عسكري لآل الصقر لحماية أبنائها ومصالحها؟ على الشاشات الإخباريّة كان الرّجل يطلب حماية الدّولة والقوى الأمنيّة، فيما على المقلب الآخر كانت نفس الشاشات تنقل أخبار «أشرف النّاس» وهم يُحاصرون اللبنانيّين في سياراتهم ويخنقونهم بدخان الإطارات ويقطّعون أوصال المناطق للمطالبة بالإفراج عن مواطن ألقي القبض عليه بتهمة تهريب هواتف خلويّة على مدى ستة عشر عاماً بقيمة خمسة وأربعين مليون دولار!! أي منطق يسمح بأن تجتاح فئة قيل لها «يا أشرف النّاس» حياة الشعب اللبناني موظفين وعاملين وتلامذة مدارس وتستبيح وقتهم وأرزاقهم ووقتهم وتهدره على الطرقات وتقرّر هي أن المواطن من فئة «أشرف النّاس» هو فوق القانون ولا يحقّ للدّولة لا توفيقه ولا مساءلته ولا محاسبته بل يُنْذرُ الجيش اللبنانيّ ويمهل ساعة لإطلاق سراح هذا الموقوف من فصيلة «أشرف النّاس» وإلا الويل والثّبور!!

بكلّ صدّق هؤلاء «أكذوبة» قيلت لهم، وهم يعرفون أنّ فيهم «أسفه وأسوأ وأكثر النّاس لصوصيّة وتجارة بالمخدّرات وعصابات سرقة السيّارات وعصابات الخطف والإعتداء على أموال وأملاك الدّولة والغير وغيرها كثير»، يريد هؤلاء أن يصدّقوا أنّهم فصيلة  «أشرف النّاس» وهم متأكدّون أنّهم ليسوا كذلك أبداً، وهنا علينا أن نتساءل: لو لم يكن هؤلاء من فئة تستقوي بالسّلاح على الدّولة والشعب اللبنانيّ هل كنّا لنشاهد الإرهاب والعنف الذي شاهدناه بالأمس؟ وأن نتساءل أيضاً بأنّه لولا تراخي الجيش والقوى الأمنية وتقاعسها عن القيام بواجباتها بالأمس وتوقيف كل الذين شاهدنا صورهم على الشاشات وفي الصور الإخباريّة بتهمة الإعتداء على حقّ الشعب اللبناني بالأمن وبوصوله ووصول أطفاله سالمين آمنين إلى بيوتهم ومن دون أن يخرج عليهم قطّاع طرق يمنعونهم حقّهم في هذا الأمن والأمان؟!

وللمناسبة، عندما أوقفت شعبة المعلومات الدكتور بسّام الطرّاس ألم يكن بإمكان عائلته وذويه ومناصريهم أن يقطعوا الطرقات ويشعلوا الإطارات مطالبين بإطلاق سراحه، جلّ ما فعلوه أنهم ذهبوا وتجمّعوا عند دار الفتوى وليس أكثر وتنقّلوا من مرجعيّة سياسيّة إلى أخرى وسارعوا إلى توكيل المحامية البارعة اللامعة زينة المصري للدّفاع عنه.. لم ينكر أبناء الطوائف اللبنانيّة أنّهم تحت سقف القانون، وأن الدّولة فوق الجميع، فيما يشعر – ولنقلها صراحة – «شيعة حزب الله وحركة أمل» بأنّهم فوق القانون والدّولة وكل اللبنانيّين الآخرين؟! هذا وضع لم يعد يُطاق ولم يعد باستطاعة اللبنانيّين الآخرين تحمّله ويتحمل رأسا «الثنائي الشيعي»  كل تبعاته، خصوصاً وأن مظاهر القتل والجرائم العنفيّة ساهم  في طفرتها وفي فلتان السّلاح بأيدي المواطنين من الطوائف الأخرى ما يسمّى بسلاح المقاومة في كلّ المدن والمناطق خارج الجنوب وسلاح ما يسمّى بـ»سرايا المقاومة» وإن لم تسارع الدّولة والأجهزة الأمنيّة والجيش اللبناني إلى استعادة هيبته في وجه هؤلاء فلبنان سائر باتجاه محرقة اسمها فلتان الأمن والسّلاح!!

ما حدث بالأمس مخزٍ ومعيب ومجلبة للعار على أصحابه، «حلّوا عن سما اللبنانيّين.. قرّفتونا حياتنا».. صدّقوا أنّهم أشرف النّاس وهم جماعة «إسْرِق وخَمِّسْ»!!