Site icon IMLebanon

الجمهورية في “الكرنتينا”!

“غامر” وزير الصحة وائل ابو فاعور بتفرده في دق جرس الانذار حيال الكارثة الصحية الزاحفة على لبنان خصوصا ان هذا التفرد لم يراع الأصول الخلافية حول آلية عمل مجلس الوزراء التي تلزمنا كلبنانيين مع نحو مليوني سوري وفلسطيني وسائر الأجانب تحمل آفات الكارثة الى حين بت النزاع الحكومي.

لعل بعض من لم يغش ذاكرتهم النسيان يتذكرون انه في ثمانينيّات القرن الماضي اطلق وزير الخارجية الاميركي في عهد الرئيس رونالد ريغان جورج شولتز تسمية “المستنقع” أو “الكرنتينا” على لبنان بما يعني المحجر الصحي وليس المحلة التي تحمل هذا الاسم في بيروت تيمنا بمستشفاها الذي كان مخصصا للحجر الصحي. كان ذلك على خلفية انتشار ظاهرة خطف الأجانب ومن ثم العمليات الانتحارية التدميرية ضد قوات المارينز والمظليين الفرنسيين ضمن القوات المتعددة الجنسية. بمعنى ان لبنان مني آنذاك، من وجهة نظر الغرب، بأولى طلائع الارهاب الامر الذي استتبع “تحجيرا” عليه مارسته ادارات أميركية متعاقبة ولا يزال بعض تداعياته وإجراءاته مستمرا الى اليوم ومنها منع الرحلات الجوية المباشرة بين بيروت والولايات المتحدة. لن نسقط تسمية شولتز بطبيعة الحال على واقع لبنان الراهن الذي لا يكابد فقط أكلاف المواجهة المتدحرجة مع ارهاب هذا الزمن بل ربما الاخطر منه أي ان يغدو بلدا موبوءاً بملء معاني الأوبئة وليس فقط برمزيتها.

البلد المبتلي بالأوبئة يرزح منذ اكثر من شهر تحت وطأة أسوأ مصير يمكن ان يتخيله مواطن بدليل ان الاعلام العالمي الذي كاد ينسى لبنان منذ مدة طويلة استفاق عليه وبزخم اخيرا من خلال صور جبال النفايات تجتاح مدنه وقراه فقط. يجري ذلك ويستفحل وينزلق لبنان الى الصورة الاشد قتامة كبلد مهدد بالحجر الصحي الشامل فيما ممنوع على مجلس الوزراء ان يفتح ملفا وان يخرق حصارا وان يحتوي ويلات زاحفة تحت وطأة التهديد والتهويل المباشر أو ألاعيب الازدواجية السياسية المترفة. والحال انه بمجلس وزراء أو من دونه وقعت الواقعة ولن يخفف منها شيء ما دام الامن الصحي للبنانيين كما أمنهم الاجتماعي والاقتصادي يسحقان سحقا منهجيا لا سابق له في سياسات وحشية كتلك التي يعيشونها في هذا الزمن. ولعل ألأسوأ من هذا ان التحجير على لبنان يأتي هذه المرة من داخل وليس من خارج. بدأ ذلك واقعيا مع التحجير على رئاسة شاغرة تمدد شغورها تصاعديا فشل أيضاً مجلس النواب ومن ثم الحكومة وأحدث في ادارات الدولة فوضى غير مسبوقة الا في الحرب وها هي تداعياتها تتفشى في كل الاتجاهات والقطاعات.

ما دام مجلس وزراء الجمهورية الانتقالية موضوعا بنفسه في الحجر هل يكون لبنان اقل من بلد موبوء؟