مع دخول الرئاسة في عطلة قسرية تمتد إلى ما بعد 7 ك2، موعد الجلسة المقبلة لمجلس النواب، والتي يُرجّح أن تكون، أسوة بالجلسات السابقة، معطلة وفارغة من أي مضمون… تلتقط 8 و14 آذار أنفاسها، ويعيد كل فريق ترتيب أولوياته، بعد عاصفة اقتراب ترشيح النائب سليمان فرنجية من قبل الرئيس الحريري التي خلطت الأوراق وكسرت قوالب التحالفات الجليدية!
ومع توافق الطرفين على وضع التسوية على نار هادئة، أو إعطائها، وقتها الكافي لتنضج، عاد كل منهما إلى حلفائه لتظهير الصورة، ووضع المبادرة في ميزان الربح والخسارة، محاولاً التمسك بالحلفاء والحفاظ على تماسك الفريق الواحد مهما اختلفت وجهات النظر.
ولكن الواقع الذي فشلت الطبقة السياسية في التعامل معه، هو الإقرار باستحالة استئثار فريق بالحكم من دون الآخر، أو الإيحاء بأن مَن يقدم التنازلات ويحاول إيجاد الأرضية المشتركة للخروج من دوّامة الأزمة، هو المغلوب على أمره، ومَن «يَتشبّص» بمواقفه المتعنتة، ويفضل تعطيل البلاد والعباد هو المنتصر والغالب في هذه المعادلة الناقصة والمغلوطة معاً!
إن هذا الترشيح قد أظهر ضعف بنية كل من 8 و14 آذار، واختلاف الأولويات وخارطة الطريق بين الحلفاء، وذلك يُعزى لسبب واحد مهم وهو انعدام المشروع السياسي عندهما، باستثناء تمترس «حزب الله» خلف مبدأ «الممانعة»، مهما كانت الظروف المحلية والإقليمية، كون هذا المبدأ هو من أهم أركان وجود الحزب وديمومته، ما عدا ذلك، لا 8 آذار ولا 14 آذار كانت قادرة على إنتاج رؤية واضحة للخروج من الأزمة، او تقديم برنامج سياسي للبنانيين يُحدّد أولوياتها ويوظف طاقاتها ومواردها في خدمة المصلحة الوطنية العامة.
إلا أن تمترس كل فريق خلف رفضه للآخر كان الاستراتيجية الأوضح، وأدى اختلاف وجهات النظر، ضمن الفريق الواحد، إلى تعدد اللاعبين بشكل بات من الصعب حصر التواصل وتفعيله، فكلما تمّ تذليل عقبة في محاولات الخروج من الدائرة المفرغة، ظهرت عقبات أخرى من أماكن متعددة، وكأن المطلوب استمرار هذا الشلل في مؤسسات الدولة وصولاً إلى الانهيار التام، من دون أن يرف جفن للسياسيين الأشاوس.
وأخيراً، مع تأجيل عيدية اللبنانيين إلى أجل غير مسمى، يبقى الترقب سيّد الموقف، حيث يغرق المواطن بأزماته المعيشية، بدءاً من نفايات مكدسة في الشوارع، وصولاً إلى اقتصاد منهك وشعور بالإهمال المتمادي من قبل المسؤولين، الذين وضعوا يدهم على مقومات الدولة، وأمسكوا بها رهينة مصالحهم وأهوائهم في ظل نظام سياسي بالٍ، وضع الطبقة السياسية في واد، والمواطن في واد آخر، سالباً من الأخير قدرته على المحاسبة والمساءلة، سالباً من الجمهورية رئيسها، ومن النظام ديمقراطيته!
فهل كتب على كل استحقاق أن يمر بمعمودية الدم؟