… وكأن لبنان أصبح دولة فاشلة أو دولة غائبة أو مغيَّبة، العالم يُرسم حاضره ومستقبله على المستويات السياسية والاقتصادية، ولبنان يغرق بالنفايات ويتلهى بالمماحكات:
العالم يرسم اطار اتفاق الولايات المتحدة الاميركية وروسيا حول سوريا، فقد أعلن وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف التوصل الى خطة لإرساء هدنة تبدأ اليوم الاثنين، والأهم من كل ذلك ان الاتفاق سيسفر، في حال صمد وقف النار، عن تعاون عسكري بين البلدين، والأخطر من كل ذلك ان الاتفاق ينص على اقامة مركز روسي أميركي مشترك يعمل ضمنه عسكريون وممثلو أجهزة الاستخبارات الروسية والاميركية على تنسيق العمليات العسكرية.
حين تصبح هناك غرفة عمليات أميركية – روسية مشتركة، فهذا يعني ان المنطقة كلها قد تكون اصبحت على الخارطة الموجودة على جدران تلك الغرفة، وحين تصل خيوط تلك الخريطة الى لبنان، فماذا يمكن ان تتضمن غير النفايات؟
وفيما لبنان غارق في هذه المزبلة، كان العالم يفتش عن اتفاقات جديدة: المملكة العربية السعودية وروسيا وقعا في الاسبوع الاول من هذا الشهر بيانا يتعلق بتنظيم اسعار النفط، وأفاد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، بأن الجانبين سيشكلان مجموعة عمل لمراقبة اسواق النفط واعداد التوصيات اللازمة لضمان استقرارها. ووفقا للاتفاق، ستتخذ الرياض وموسكو تدابير مشتركة للتنسيق مع المنتجين الآخرين للنفط في العالم للحفاظ على استقرار الأسعار.
هكذا، واشنطن وموسكو يتفقان على المسار السوري.
موسكو والرياض يتفقان على مسار اسعار النفط.
نحن في لبنان لا نعرف كيف نتفق على مسألة النفايات:
هل نطمر؟ هل نُرحّل؟ هل نفرز قبل الطمر؟ هل نعتمد المحارق؟ هذا في النفايات، اما في الملفات الأخرى فلا نعرف كيف نقارب الازمات بل نراكمها.
فجلسات مجلس الوزراء يبدو انها لن تُبصر النور قبل عودة رئيس الحكومة تمام سلام من نيويورك، والتي يتوجه اليها في الثاني والعشرين من هذا الشهر. وبنود جداول الأعمال ستتراكم حتى ذلك التاريخ، وهذه البنود تجاوزت حتى الجلسة الماضية المئة والعشرين بندا.
في هذه الحال يكون البلد قد دخل في غيبوبة التي لا خروج منها سوى بصدمة كبيرة، فمن هو القادر داخليا على تحقيق هذه الصدمة؟ ليس في الأفق ما يشير الى امكان تحقيق أي شيء من هذا القبيل.
لئلا نغرق في الآمال والأوهام، فإن البلد في ظل الاوضاع الراهنة غير قادر على النهوض، المطلوب قوة غير متوافرة حتى الساعة، تعيد خلط الاوراق من جديد، وفي ما عدا ذلك سنبقى نعد الايام من دون ان نخرج من المأزق.