اليوم تمرُّ ذكرى الأسبوع على معضلة النفايات التي تراكم منها حتى الآن 25 ألف طن في الأحياء والشوارع والرمي العشوائي في الأودية والأحراج والغابات.
اليوم بدأت هذه النفايات تتخمَّر بفعل الحرارة الشديدة التي تضرب لبنان من جرَّاء موجة حرٍّ آتية من أفريقيا.
اليوم تختنق بيروت وبعض المناطق بالإنبعاثات والدخان المنبعث من إحراق النفايات في أرضها بسبب العجز عن نقلها.
اليوم يعاني سكان بيروت وبعض المناطق من تعطُّل آلاف خطوط الهاتف والإنترنت، بسبب إحتراق كوابل صودف أنَّها تمرُّ قرابة مستوعبات النفايات التي تعرَّضت للإحراق فاحترقت معها تلك الخطوط.
اليوم يشعر اللبنانيون بأنَّ عامل النظافة أكثر أهمية من مسؤولين كثر، لأنّه كان يُبعِد عنهم النفايات فيما أداء بعض المسؤولين أدى إلى إبقاء النفايات بينهم.
اليوم يدفع اللبنانيون ثمن وجود 750 مطمراً بين مدنهم وبلداتهم وقراهم وأحيائهم وشوارعهم وبيوتهم.
إنها أرقام وليست وجهة نظر، إنها الأرقام التي حوَّلت الإنسان في لبنان إلى رقم وليس إلى مواطن.
***
إنها الجمهورية الغارقة في النفايات حتى أنفها ورغم أنفها.
إنها الجمهورية التي تعاني أسوأ أنواع الأداء السياسي من سياسيين لم يُقدِّموا لشعبهم سوى… النفايات.
إنها الجمهورية التي تتوالد فيها الأزمات كالطفيليات.
***
وأسوأ ما في أزمة النفايات أنَّ معالجاتها وحلولها تسير بسرعةٍ سلحفاتية، فيما النفايات تتراكم بسرعة الأرنب. وزير البيئة يبدو وللأسف مرتاحاً على وضعه، يتحدَّث عن أسابيع وشهور للمعالجة، فيما هذه المعالجة يُفتَرض أن تسابق الوقت. هو لا يتوانى عن الحديث عن فضّ العروض والإعلان عن الشركات الفائزة بالتلزيم خلال خمسة عشر يوماً، على أن تبدأ هذه الشركات بالعمل في ستة أشهر، وفق ما يقول دفتر الشروط.
الناس لا يستطيعون أن ينتظروا ساعات، فكيف يُطلب منهم أن ينتظروا شهوراً؟
إنها المأساة وإنها قلة الضمير في أبهى صورها!
***
مجلس الوزراء قرَّر أن لا يُقرِّر فأرجأ الجلسة إلى الثلاثاء المقبل، وهي غير جلسة الخميس المقبل، ولكن حتى ذلك التاريخ كيف ستتحرَّك معضلة النفايات؟
لا أحد يملك الجواب خصوصاً أنَّ الجلسة ستغرق في مناقشة آلية عمل الحكومة والتي صار إسمها مقاربة عمل الحكومة، وإذا لم يتمَّ التوصل إلى توافق فإنَّ السيناريو الأقرب إلى المنطق والواقع هو أنَّ رئيس الحكومة تمام سلام سيُعلن رفع الجلسة ليخرج من القاعة ويتوجه إلى قاعة الصحافيين ليتلو بيان إستقالة الحكومة قاذفاً كرة النفايات في وجه الجميع.
***
مأساةٌ ما بعدها مأساة، لا منطقة تريد النفايات ولا منطقة تعالج نفاياتها، فأين المخرج؟
هناك دوامة حقيقية، فالبلد في حال شغور، من رئيس الجمهورية إلى عامل التنظيفات، وقريباً جداً الحكومة.
إنها الجمهورية التي تحتاج إلى مطمر.