IMLebanon

«جمهوريّة» معراب؟!

على الصعيد الشخصي، هناك من يحب سمير جعجع، وهناك من لا يحبه، وعلى صعيد المواقف، هناك من يؤيد مواقفه، وهناك من يرفضها. ولكن في الحالتين، ليس هناك من ينكر على جعجع قوة شخصيته، وقوة ايمانه بالله والوطن، وصلابة ارادته، ونظافة كفه، ومدى تضحياته في سبيل المحافظة على ثوابته الشخصية والوطنية والحزبية. باستثناء قلة يعشش في صدورها الحقد على كل شيء جميل وحسن.

اقامة الذبيحة الالهية في باحة المقر العام لحزب القوات اللبنانية في معراب اول امس السبت لراحة انفس شهداء المقاومة اللبنانية، كانت مناسبة لفتح صفحة الانجازات التي حققها حزب القوات اللبنانية بتوجيه ورعاية من سمير جعجع، في السنوات القليلة التي تبعت خروج جعجع من معتقله السياسي، وهي انجازات تقع في معظمها على عاتق الدولة اللبنانية، ولكن عدم وجود دولة في لبنان في المضمون الحقيقي لقيام الدولة، اخذ حزب القوات اللبنانية على عاتقه تحقيق ما يمكن تحقيقه وفق القدرات المتوفرة، وكان اول هذه الانجازات الاحتفال سنوياً بتكريم شهداء المقاومة اللبنانية وجميع شهداء لبنان، بمن فيهم شهداء الاحتلال العثماني الذين علقوا على اعواد المشانق في ساحة الشهداء، وكانت الدولة تكرمهم في السادس من شهر ايار بحضور اركان الدولة والمواطنين وطلاب المدارس، وتوقفت عن القيام بهذا الواجب الوطني اثناء الحرب في لبنان وما زالت متوقفة حتى الان.

الاوضاع السياسية السيئة التي تلت اغتيال الشهيد رفيق الحريري وتدهور الوضع الامني في معظم الاوقات، لم يمنعا سمير جعجع  من اعادة تنظيم حزب القوات اللبنانية على اسس حديثة تعكس احترام الديموقراطية والشفافية والاهلية من دون ان ينسى سد الفراغات التي كان يفترض بالحكومات ان تقوم بها، مثل تكريم الكبار من رجالاتنا الذين رحلوا وتركوا لنا ارثاً وطنياً كبيراً من كتاباتهم وفنونهم، والاهتمام باحقاق حقوق المغتربين، ومكافحة المخدرات بالتوعية والاقناع، بدلاً من مكافحتها بادخال المدمنين من ابنائنا الى السجون، وبمد يد العطف والمساعدة الى المعوقين، الشهداء الاحياء، ضحية الحروب، وبالبقاء على تواصل مع عائلات الشهداء، وتقديم المساعدات العينية لعدد من القرى البعيدة، مثل المستوصفات والمولدات، والتركيز على انماء الريف وحماية البيئة، ومن اهم الانجازات التي عمل عليها رئيس حزب القوات، هو الانفتاح على الدول العربية الشقيقة، واستثمار هذا الانفتاح في حماية اللبنانيين العاملين في هذه الدول، وانهاء مشروع الحكومة الالكترونية الذي ينقل لبنان من عصر الى عصر، وتشجيع المهرجانات ذات المستويات العالمية مثل مهرجان الارز، خدمة لسمعة لبنان، ومصلحة قضاء بشري والاقضية المحيطة، اما آخر نشاطات جمهورية «معراب» بالوكالة عن حكومة جمهورية لبنان، فهي اتصالات سمير جعجع بالرئيس المصري السيسي، وبالمسؤولين الروس لتسويق التفاح والعنب اللبنانيين في هاتين الدولتين الكبيرتين.

***

في خطاب قداس الشهداء توعد سمير جعجع بشن حرب لا هوادة فيها ضد الفساد والفاسدين، لان حجم الفساد تجاوز الخطوط الحمر، ويهدد لبنان والدولة بالانحلال الكامل، وتوقع ان تشهد البلاد ثورة شعبية سيكون حزب القوات في طليعتها ان لم يتوقف تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، وفشل المؤسسات الدستورية وادارات الدولة، وهذا الكلام، يجب ان يؤخد الكثير من الجدية، لانه صادر عن رجل يضبط نبضه على نبض الشارع منذ عقود، وخصوصا مع امتلاكه رصيداً كبيراً انه وحزبه لم يتلوثا، لا بالفساد ولا بالصفقات ولا بالتسويات، وهو فضل السجن والعذاب والقهر والعيش في زنزانة، تحت الارض، على المساومة مع الوصي السوري ونظامه الامني، بما يعني ان صدقية الرجل في الاوساط الشعبية المؤثرة، مرتفعة جداً، ولن يكون باستطاعة احد تجاهلها او تقديرها باقل من حجمها، ولذلك يمكن القول بان سمير جعجع فرض نفسه رقماً صعباً في الحياة السياسية، يجب ان يقرأ جيداً