الشبه بين مريام كلينك ولبنان كبير. هي جميلة ولبنان كذلك برغم ما أصابه من تشوهات. هي عفوية ولبنان كذلك، ولكثرة عفويته فتح أبوابه لكل الطامعين. هي سريعة البديهة في بعض الإجابات ومهضومة في أخرى وساذجة في بعضها الثالث، واللبناني كذلك، فهو «حربوق» لكنه لكثرة إيمانه بـ «حربقته» ترك ساسته يغالون في سحقه حتى طمروه بالنفايات. هنا تشبه النفايات، تلك الشائعات التي تلاحق مريام كلينك وتشغل الناس وقد تكون مجرد شائعات. اسألوا محاميتها، تعرفون.
عارضة الأزياء الجميلة التي على صفحتها متابعون يفوقون ما عند نصف الحكومة والبرلمان في لبنان، قد تطمح يوماً ما للنيابة. هذا حقها الطبيعي. لعلها لو فازت فستزيد نسبة الفرح في برلمان كئيب كاد يقدّم للعالم يوم انتخاب ميشال عون رئيساً، أكبر عرض هزلي له.
حين وضع أحد النواب اسم مريام كلينك ضحك كثيرون، وتعاطى آخرون بخفة. هذا هو المعيب. مريام كلينك هي قبل كل شيء إنسانة عرفت كيف تنجح برغم كل الضجيج المثار حول سلوكها، وهو ضجيج قد يستند كثيراً إلى خيالات أناس مرضى لا إلى واقع حسناء ربما تحب الحيوانات أكثر من الرجال. وهي محقة بهذا الحب إذا ما انطلقنا من مبدأ الوفاء.
لبنان بكامله تحول إلى عارض أزياء بامتياز. أريد له أن يتحول الى ساحة للفرجة العربية، أريد له كذلك أن يصبح مقصداً لسياحةٍ تنشد الدعارة قبل العمارة. حوله ساسته إلى ما يشبه الخمّارات التي يقصدها كل طامح وغاز ومحتلّ ووصيّ فصارت السياسة فيه كبنات الهوى يملن صوب من يدفع أكثر.
مع انتخاب ميشال عون رئيساً، فتحت أبواب الأمل على مصراعيها بالنسبة لكثير من اللبنانيين، لكن الأمل الحقيقي يبدأ حين يتم نفض الغبار عن مؤسسات أغرقها الفساد كما أغرقت النفايات شوارع لبنان، والأمل الحقيقي يبدأ حين يولد جيل جديد من السياسيين الذين يقدمون الانتماء الوطني على كل انتماء طائفي أو مذهبي أو مناطقي أو عشائري أو إقطاعي أو حزبي، والأمل الحقيقي يبدأ حين يشعر اللبناني فعلاً بأنه يعيش في دولة قانون ومؤسسات. والأمل الحقيقي يبدأ حين نحترم المرأة ونراها في البرلمان وفي كل المناصب العليا، وكلنا أمل أن يُقدم الجنرال عون الذي عاش بين زوجة وفيّة وبنات ناضلن الى جانبه وعانين الحرمان والغربة والنفي، على أن يعزّز الحضور النسائي في المؤسسات.
مريام كلينك هي نتاج مجتمع لبناني، وليست هي من أنتج المجتمع، وفي العالم شبيهات أقلّ منها جمالاً تزوجن كبار المسؤولين كما حصل مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، لا بل لو عُرض على اللبناني أن يعيش في جمهورية فاسدين أو في جمهورية مريام كلينك، فلا شك بأن كثيرين قد يفضلون جمهورية الجمال والهضامة لا جمهورية الفساد التي قتلتهم بالنفايات والأمراض.