كانت جلسة الانتخاب الأخيرة للرئيس الأول، في لبنان تحمل الرقم ٤٣.
والمفارقة ان عدد الحاضرين الى البرلمان تضاءل.
والغيارى يدعون النواب، الى النزول الى المجلس، لإنهاء عقدة الفراغ.
السياسيون سارعوا الى ترك الأمر الى الشهر المقبل.
لا أحد يفكر بالأسباب الحقيقية، لانهيار الآمال المعقودة على حضور كثيف للنواب.
معظمهم كرروا الأسباب القاهرة وتوقعوا الانتخابات في مطالع أيلول.
لماذا؟
ربما، لأن أيلول، لناظره قريب.
لكن هل تصدق التوقعات؟
هل تتعثر الشهر المقبل.
والجمهورية قابعة في جحيم الانتظار.
والرئيس سعد الحريري قال كلمته.
والأخبار عن اعادة تقويم وترشيح في تيار المستقبل تبخّر بسرعة، ولا نظريات فؤاد السنيورة حلّت العقدة. ولا آراء أحمد فتفت في رفض العماد عون وترشيح سليمان فرنجيه تبرر التغيير.
وحده حزب الله باقٍ على ترشيحه لرئيس التغيير والاصلاح.
ووحده العماد ميشال عون جامد، فلا ينزل الى البرلمان مع الأصدقاء والحلفاء إلاّ لانتخابه رئيساً…
القصة لم تعد قصة تصويت، لا داخل التيارات، ولا في قاعة البرلمان.
وعيشوا ما يحلو لكم، من أيام بانتظار معجزة صفقة الحل.
قبل رحيله قال جورج حاوي، ان مشكلتي، ومشكلة لبنان، اننا جميعاً نفكّر في أنفسنا، لا في الآخر.
وعندما قرر الرئيس رفيق الحريري ان لبنان هو للبنانيين، أغتيل ورحل الى العالم الآخر.
وساعة فكّر الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني بأن المبايعة لكل الآراء، أغتيل، وهو على وشك السفر الى الخارج.
الرأي والرأي الآخر هو المشكلة، لا أن يكون الانسان صاحب موقف ورأي.
كان الرئيس رفيق الحريري في البرلمان، يشهد مناقشة لقانون انتخابي معروض، عرّج يومئذ على مقهى تجاه البرلمان.
وعندما غادره استشهد قبل أن يصل الى قريطم، ليعقد اجتماعا مع الوزير السابق فارس بويز.
هل النقاش والحوار لا يزالان ممنوعين في بلد الحوار.
وهل جمهورية ١٩٤٣، لا تزال ممنوعة من التظهير، بعد أكثر من نصف قرن على ولادة جمهورية ما قبل الطائف؟
وهل ان جمهورية الطائف وجمهورية الدوحة لا تزالان في البال، أو في الخيال؟
قد يصل البرلمان الى خمسين جلسة نيابية، ولا يصار الى انتخاب رئيس جمهورية.
المشكلة عويصة. ثمة مجلس شيوخ مطروح، في ظلّ لامركزية ادارية، وقانون انتخابي يدور بين آفاق النسبية وعروض النظام الحر.
إلاّ أن الانتخابات لم تطرح بعد، وان كان الرئيس بري قد نفى وجود اتجاه لانتخاب مجلس تأسيسي جديد.
انها حكاية كل نظام في بلد لا نظام فيه.