IMLebanon

جمهورية دجاج وأرانب

 

في كتاب «الروس الجدد» (1990) يشكو أحد سكان موسكو: «الجميع يعرف أنه لم يعد في إمكانك شراء شيء. أريد ثوباً رياضياً ولست أستطيع شراءه. والناس لا تريد أن تعمل لأن الروبل فقد قيمته فلا جدوى من العمل. إنني أعمل 10 إلى 12 ساعة في اليوم من أجل زيادة دخلي، لكن ماذا يفيدني ذلك ما دمت لا أستطيع شراء شيء بمالي؟ هناك نقص في كل شيء: السكر والشاي والصابون والأحذية. أي بلد عظيم مثل هذا لا يستطيع تأمين ما يكفي من الجلود لصناعة الأحذية؟».

يسمى هذا في لغة أهل الاقتصاد «التضخم المالي» وترجمته بالعامية خراب البيوت وفقر الشعوب وفشل الدول. في السنوات الثلاث الماضية هجر مليونا فنزويلي بلادهم إلى البرازيل وكولومبيا المجاورتين بحثاً عن الطعام والدواء. وتقلص دخل الفرد 35 في المائة – وأصبح التضخم نحو 1.3 في المائة (مليون وثلاثمائة ألف). ولم يعد اللاجئون عبئاً على بلادهم فقط، بل على دول الجوار أيضا.

ماذا فعل الرئيس نيكولا مادورو لمواجهة الكارثة؟ دعا الشعب إلى تربية الدجاج والأرانب في شققهم. وعندما أقام لي كوان يو تلك النهضة العجيبة في سنغافورة منع تربية الدجاج في الشقق. في ذاكرتي رجلان فقط لم تعد الأرقام في ظلهما تعني شيئا: سلوبودان ميلوشيفتش وصدام حسين. الأول طبع ورقة نقدية من فئة المليار دينار يوغوسلافي من دون أن يخطر له لحظة أن الحل الوحيد والأكثر سهولة هو الذهاب إلى بيته. لكن الديكتاتور يرى أن الكارثة الوحيدة هي ذهابه. فليربّوا الأرانب.

ذات مرة دعا معمر القذافي الشعب الليبي إلى الهجرة للعمل في السودان. وكان ذلك في مؤتمر للشعب. وتتشابه فنزويلا في الأرض والنفط مع العراق وليبيا، والنظام الثوري. وأيضا مع هذه النتائج المفجعة والمخجلة.

كتب وزير خارجية المكسيك السابق أن أسوأ الحلول هو تشجيع عمل انقلابي، لكن يبدو أنه الحل الوحيد لإنقاذ ملايين الفنزويليين من الجوع والمرض والاضطهاد. لا يمكن أن يكون عاقلاً الحاكم الذي يتطلع في عيون شعبه الجائع ويسأله لماذا لا تربي الأرانب، ها أنا أربي في القصر الجمهوري 150 دجاجة.

متى يدرك هؤلاء اليائسون أن الشعوب تحتمل كل شيء إلا أن ترى أطفالها جائعين ومرضى، ورئيس الجمهورية يسعى إلى إقامة دولة دجاج وأرانب.