IMLebanon

«الجمهورية» تكشف هوية موقوف خطير في قبضة الأمن العام

هل هي خلايا نائمة أم مستيقظة؟ بغضّ النظر عن تسميتها يتأكّد يوماً بعد يوم وفي أدق مرحلة يعيشها لبنان أنها ناشطة وتعمل ضمن شبكات خطيرة ذات ارتباط خارجي، المستجد فيها والأخطر الارتباط المباشر بتنظيم «داعش» في إمارة الرقة.

لا خوف على أمن لبنان طالما أنّ الأجهزة اللبنانية تعمل، قالها منذ أيام المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وقد سجّل الجهاز الذي يرأسه إنجازاً جديداً بإحباط مخطّط تكشف «الجمهورية» تفاصيله الخطيرة استناداً الى التحقيقات التي أجراها ضبّاط الأمن العام وعناصره مع الموقوف اللبناني المنتمي الى تنظيم «داعش» محمد احمد الصباغ الملقّب «ابو محمود»، والذي أوقفه الأمن العام بعد تقصّي معلومات حوله وتتبّعه، وقد ضبط بحوزته هوية فلسطينية مزوّرة باسم معين ابو صيام.

الموقوف يقيم في مخيم البداوي في شمال لبنان، ويعمل في تجارة الألبسة، وهو ينتمي الى «داعش» ومهمته التنسيق بين قيادة التنظيم في سوريا والمجموعات التابعة له في لبنان.

وخلال التحقيق معه اعترف الصباغ بانتمائه الى التنظيم وولائه ومبايعته له، وأنّه شارك في المعارك التي دارت بين جبل محسن وباب التبانة ضمن مجموعة المدعو حبيبو المصري.

جهاد في سوريا

بداية العام 2012 ومع انتشار ظاهرة الجهاد في سوريا ولرغبته في المشاركة في القتال الى جانب المجموعات المسلحة هناك، تواصل الصباغ لهذه الغاية عبر موقع «فايسبوك» مع صاحب الحساب المدعو عبد الفتاح أبو غدي واتفق معه على المغادرة الى تركيا ومنها الى سوريا للقتال، حيث التحَق بعد وصوله بكتيبة عبد الفتاح أبو غدي والمتمركزة قرب قرية الشيخ مقصود – مدينة حلب السورية، وخضع لدورة تدريبية لمدة أسبوعين تدرّب خلالها على طريقة استعمال الأسلحة. وبعد نحو أسبوعين قرّر العودة الى لبنان لعدم انسجامه ورغبته في العمل لصالح كتيبة عبد الفتاح أبو غدي.

بداية العام 2013 تعرّف الصباغ الى اللبناني أحمد سليم ميقاتي (أبو الهدى) وتوطّدت العلاقة بينهما، وكان الصباغ يتردّد وقتها باستمرار الى تركيا بهدف شراء الألبسة.

خلال هذه الفترة، انتقل الصباغ من مكان إقامته في محلّة القبة الى مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بهدف الإفادة من التقديمات الاجتماعية هناك كونه متأهّل من امرأة فلسطينية، حيث تعرّف الى قريب زوجته الفلسطيني اللاجئ في لبنان، ويدعى محمد (يجهل كامل هويته)، يبلغ من العمر نحو 28 عاماً، وملقّب «أبو أنس»، وكان يقيم داخل مخيم البداوي. وقد توطدت العلاقة بينهما حيث تدرّب الصباغ على يد الأخير حول طريقة استعمال الأسلحة وإطلاق الصواريخ داخل منزله.

الى الرقّة

وافق الصباغ على استلام مبلغ من المال من تركيا لصالح «أبو أنس»، مُرسل إليه من شخص يدعى أبو بكر التركي، وقد تمّ ذلك خلال شهر آذار أو نيسان من العام 2013 بعدما توجّه الى الداخل السوري عبر مدينة غازي عنتاب وبتوجيه من أبو بكر التركي.

دخل الصباغ الى سوريا عبر تركيا بطريقة غير شرعية بواسطة أحد المهربين (يجهل كامل هويته)، والذي سلّمه الى أحد عناصر تنظيم «داعش» الذي تولّى بدوره نقله الى مدينة جرابلس حيث بات ليلته داخل مَضافة، بعدما سحَبَ منه عناصر «داعش» جواز سفره وجهازه الخلوي.

وفي صباح اليوم التالي نُقل الى مدينة الرقة وتحديداً الى مقر قيادة التنظيم هناك، حيث التقى أبو بكر التركي (أمير الحدود في تنظيم «داعش») والعراقي أبو محمد الشمالي (المسؤول عن التمويل)، والذي سلّمه مظروفاً يحوي مبلغاً مالياً (نحو عشرة آلاف دولار أميركي). وسأله أبو بكر التركي عن بعض الأسماء في لبنان، يذكر منها أبو مصعب المنية (المقصود هو اللبناني نبيل علي سكاف).

والتقى الصباغ أيضاً أبو محمد العدناني (الناطق الإعلامي باسم تنظيم «داعش») داخل المصلّى في مقر التنظيم والذي طلب منه البقاء في سوريا والعمل في صفوف التنظيم هناك، إلّا أنّ الصباغ أبدى رغبته في العمل لصالح التنظيم في لبنان.

وقد التقى أيضاً داخل المقر كلّاً من اللبنانيين محمد عمر إيعالي الملقب «أبو البراء اللبناني»، وفاروق طارق البيضا الملقب «أبو خطاب»، ثم عاد الى لبنان عبر مطار بيروت وسلّم المبلغ إلى «أبو أنس».

مجموعة أبو الهدى الميقاتي

خلال تلك الفترة كان أبو الهدى الميقاتي يعمل على تشكيل مجموعة مسلحة تتبع لتنظيم «داعش» في منطقة الضنية، وتضمّ كلاً من محمد أحمد الصباغ، المدعوّين «أبو هريرة» و»أبو بكر» (وهما ولدا أبو الهدى)، فايز عثمان الملقب «أبو الغضب» والفلسطيني «أبو أنس».

وبعد نحو شهر من عودته من الرقة، أبلغ الصباغ أبو الهدى الميقاتي بزيارته إليها ولقاءاته فيها، ونَقله مبلغاً من المال الى «أبو أنس»، عندها طلب منه أبو الهدى السفر مجدداً الى الرقة لاستلام مبلغ آخر. فغادر الصباغ عندها الى سوريا، وبوصوله الى مدينة الرقة، التقى داخل إحدى مقرات التنظيم هناك أبو أيوب العراقي الذي سلّمه مبلغ ثلاثين ألف دولار أميركي لصالح أبو الهدى.

وخلال اللقاء كلّفه أبو أيوب العراقي أن يكون صلة الوصل بين تنظيم «داعش» في سوريا وأبو الهدى الميقاتي وسلّمه قطعة إلكترونية تشبه الـmemory card تتضمّن برنامج أسرار المجاهدين، للتواصل بموجبها مع قيادة التنظيم في سوريا.

وغادر بعدها الصباغ الى تركيا لشراء ألبسة بمبلغ الثلاثين ألف دولار أميركي بعدما اتفق مع

أبو أيوب العراقي على ذلك لعدم افتضاح أمره، ثم عاد الى لبنان، وبدأ التواصل مع قيادة «داعش» في الرقة بموجب البرنامج الذي يملكه.

أوقف الصباغ لمدة شهر بقضية شيك بلا رصيد، وبعد خروجه من السجن التقى الشيخ طارق الخياط في منزل الأخير، في حضور نبيل سكاف (أبو مصعب) وكانت المرة الأولى التي يلتقيه فيها، وحيث أبلغ إليه أنّ قيادة التنظيم في الرقة قد سألت عنه.

معركة الأسواق

في اليوم التالي اتصل به أبو الهدى طالباً لقاءه، إلّا أنّ الصباغ رفض لدواع أمنية. وبعد يومين اتصل به أبو الهدى مجدداً وطلب منه أن ينقله وعائلته الى منطقة التبانة، حيث أقام أبو الهدى في منزل الشيخ طارق الخياط.

وقبل توقيف أبو الهدى بيوم واحد طلب من الصباغ التوجّه الى سوريا عبر تركيا للقاء أبو أيوب العراقي واستلام مبلغ مالي، إلّا أنّ ذلك لم يحصل نظراً لتوقيف أبو الهدى في اليوم التالي.

في تاريخ 24/10/2014، اجتمع الصباغ بالشيخ طارق الخياط داخل منزل الأخير، في حضور كل من ابراهيم بركات، خالد منصور الملقّب «أبو الدرداء»، أحمد كسحة، نبيل سكاف الملقب «أبو مصعب المنية»، وذلك لدرس وتنسيق الخطوات التي ستتخذ على خلفية توقيف الميقاتي.

وليل 24 – 25 / 10 /2014 وخلال معركة الأسواق في طرابلس، طلب منه «أبو مصعب المنية» إرسائل رسائل صوتية عبر تطبيق «الواتس آب» على مجموعة شبكة أخبار طرابلس، مضمونها عتاب ولوم لرجلَي الدين سالم الرافعي وخالد حبلص لتخاذلهما عن نصرة المسلحين بعدما تمّ تحريضهم على النزول الى الشارع وقتال الجيش.

ومنذ تاريخ 25/10/2014، توارى الصباغ عن الأنظار إلّا أنه بقيَ على تواصل مع أحمد كسحة ونبيل سكاف وعيسى عوض لتنسيق تحركاتهم. وقد أمّن أمير «داعش» في الشمال نبيل علي سكاف (أبو مصعب المنية) للصباغ بطاقة هوية فلسطينية مزورة بإسم معين أبو صيام، وأرسلها بواسطة رنا سليم ميقاتي إلى منزل إيمان الصباغ، شقيقة محمد.

تصنيع المتفجرات والأحزمة الناسفة

منذ نحو الأشهر الثلاثة، كلّفه نبيل سكاف (أبو مصعب) أن يتعلم طريقة تصنيع المتفجرات والأحزمة الناسفة بهدف بدء التحرك والعمل على استهداف الجيش اللبناني، وأرسل له فيديوهات عن طريقة تصنيع الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة.

وقد أكد الصباغ أنه علّم ودرّب اللبناني عيسى غازي عوض، الملقّب «أبو مريم»، وهو أحد الانتحاريين المفترضين، والموقوف حالياً، على طريقة تصنيع العبوات والأحزمة الناسفة وتجهيزها وذلك من خلال التواصل معه عبر «الواتس آب» و»السكايب».

وأكد الصباغ أيضاً انتماءه الى مجموعة أمير تنظيم «داعش» في الشمال، «أبو مصعب المنية»، والتي تضم أحمد كسحة، عيسى عوض، عزوان العبدالله الملقّب «أبو نديم» وأشخاصاً لبنانيين آخرين موجودين حالياً في سوريا ويقاتلون الى جانب «داعش» (يجهل أسماءهم)، وأنّه كان على استعداد لتنفيذ أي عمل أمني يُكلّفه به «أبو مصعب».

خلال شهر آب المنصرم، طلب منه «ابو مصعب» إمكانية التوصّل لأحد المهرّبين الموثوقين لتأمين سفر الصباغ إلى تركيا بصورة غير شرعية لاستلام مبلغ مالي من الرقة والعودة بالطريقة ذاتها، وأبلغ إليه أنّ عدداً من الانتحاريين سيعودون برفقته من الرقة في حال تمكّن من الوصول اليها لتنفيذ عمليات انتحارية في لبنان، لكن تعذّر عليه ذلك لعدم قدرته على التحرّك نتيجة الملاحقات الأمنية.

منذ قرابة الشهر، تواصلَ معه «أبو مصعب» وكلّفه تجهيز نفسه لتنفيذ عملية انتحارية بواسطة حزام ناسف ضد مركز للجيش اللبناني في طرابلس رداً على المضايقات التي يتعرّض لها عناصر «داعش» في الشمال من الأجهزة الأمنية، وتحديداً من الجيش اللبناني، فوافق على ذلك وأبلغ إليه «أبو مصعب» أنه سيُرسل له الحزام ويُحدّد له مكان التنفيذ لاحقاً.

لكن، وعلى خلفية توقيف الأمن العام لعيسى عوض، «أبو مريم»، تواصلَ الصباغ مع «أبو مصعب» وطلب منه تزويده بحزام ناسف ليتمكن من حماية نفسه في حال تعرّض للمداهمة، إلّا أن ذلك لم يحصل نتيجة توقيفه.