نحن في جمهورية الدوَّامات، ننتقل من دوَّامة إلى دوَّامة، ولا من حلٍّ ولا من معالجة.
في النفايات، على سبيل المثال لا الحصر، لنُحصي عدد الدوَّامات:
من مطمر الناعمة إلى مطامر سرار في عكار والبقاع والجبل، ثم رفض المطامر والإنتقال إلى دوامة الترحيل، ثم فشل الترحيل والعودة إلى مطمر الناعمة موقتاً، ثم الإنتقال إلى الكوستابرافا وبرج حمود، وأخيراً وليس آخراً العودة إلى المحارق! ومَن لا يُصدِّق ليقرأ البند الأخير في مقررات مجلس الوزراء والذي ورد فيه:
الموافقة على تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لدراسة دفتر الشروط العائد للمحارق المتعلقة بمعالجة النفايات.
لإنعاش الذاكرة فإنَّ موَّال المحارق مطروح منذ عام، وأكثر من ذلك فإنَّ إعلانات استدراج عروض نُشِرِت في الصحف في الوقت الذي كانت تُخاض فيه معارك المطامر والترحيل، فهل كان ذلك استغباءً للناس؟
بالتأكيد لم يكن إلا كذلك يضحكون على الناس من جيوب الناس:
ألم يُجهِّزوا مطمر سرار في عكار ثم عادوا عنه؟
ثم إذا كانت المحارق هي الخيار الذي يريدونه فلماذا لا يجاهرون به من اليوم الأول؟
هل هي ثقافة الدوَّامة؟
إلى أن تنجلي هذه الدوامة فإنَّ لبنان يغرق في دوَّامة الإنتخابات البلدية والإختيارية في شكلٍ غير مسبوق، ويتمثَّل ذلك في جحافل المرشحين سواء بالنسبة إلى البلديات أو إلى المقاعد الإختيارية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في قضاء زحلة هناك أكثر من 900 مرشح للمقاعد البلدية، وأكثر من 300 مرشح للمقاعد الإختيارية.
هذه الظاهرة صحيَّة ومَرَضيَّة في آن:
هي صحية لأنها تُعبِّر عن توق اللبنانيين إلى الممارسة الديمقراطية. وهي حالة مَرَضية لأنها تُعبِّر عن حالة بعض اللبنانيين الذين يستسهلون المسؤوليات فيعتبرون البلدية هواية أو وجاهة، وهذا ليس مسموحاً.
والموضوع لا يتعلَّق بالبقاع فقط، فحتى في العاصمة بيروت تجاوز عدد المرشحين ال 500 مرشح فيما بلغ المرشحون إلى المخترة 226 مرشحاً.
وفي ظل هذه الدوَّامة، قال الرئيس الحريري كلمته، وهو يعيدها على كلِّ مَن يلتقيهم:
إنَّ إصرارنا على تكريس صيغة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في تشكيل لائحة البيارتة، إنما هو للتأكيد أننا تيار معتدل يقبل الآخر ومنفتح على الجميع ويؤمن بالعيش المشترك وضد كل أشكال التعصب والتطرف من أي جهة أتى. وأضاف:
إننا أثبتنا بالقول والفعل إننا مع إجراء هذه الإنتخابات وسنخوضها في مواعيدها المحددة.
بعد هذا الكلام، لا بدَّ من الذهاب إلى المعركة علَّها تكون جسراً إلى معارك الإنتخابات النيابية التي منها تبدأ عملية التغيير.