صحيح أنَّ جلسة مجلس الوزراء غداً حافلة بأكثر من 125 بنداً على جدول أعمالها، لكن المراقب يشعر بأنَّ البلد يعيش من دون جدول أعمال، فما يُطرَح في جلسات مجلس الوزراء أقل من روتيني فيما الذي يمر فيه البلد أكثر من استثنائي.
الدليل على هذه الأقوال أنَّ الأمور الإستثنائية التي تقض مضاجع اللبنانيين لا نجد لها أثراً في مناقشات مجلس الوزراء ومداولاته، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كل ما يتداوله اللبنانيون من فضائح وأزمات ومشاكل، لا يُسمَع بها في مجلس الوزراء، بل قضايا ثانوية، من نقل اعتمادات والموافقة على المشاركة في مؤتمرات وغيرها من الشؤون الثانوية، أما القضايا الأساسية فتُترَك إلى خارج قاعة مجلس الوزراء ويتم التداول فيها على صفحات الجرائد وفي المنتديات ولا تصل إلى السراي الحكومية التي لا ينشغل القيمون عليها راهناً إلا في القضايا الثانوية.
إنها الجمهورية من دون جدول أعمال، والدلائل إلى ذلك:
أين أصبحت قضية النفايات على طاولة مجلس الوزراء؟
أين أصبحت قضية القمح المسرطن؟
أين أصبحت قضية القانون الجديد للإنتخابات النيابية الذي لا يمكن إجراء هذه الإنتخابات، إلا وفق قانون جديد؟
ثمة وزراء يعيشون نبض الشارع ويعرفون هواجسه ومطالبه وهمومه وشجونه، من هؤلاء يأتي وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يُعتَبَر عن حق رائداً في الإقدام، وهذه الريادة جعلته يكون سبَّاقاً في كثير من الملفات الملتهبة.
أنْ يكون المرءُ سبَّاقاً في لبنان، وفي هذه المرحلة، فهذا وجه من أوجه المخاطرة: نهاد المشنوق كان سبَّاقاً في الخطط الأمنية سواء في الشمال أو في البقاع أو في الضاحية الجنوبية، كان سبَّاقاً في مغامرة الدعوة إلى الإنتخابات البلدية والإختيارية، مع علمه أنَّ الكثيرين من السياسيين لا يريدون لهذه الإنتخابات أن تجرى، لأنهم يريدون أن يعمِّموا ثقافة التمديد على كل المستويات.
على رغم كل هذه المصاعب والتحديات فإنه لا يتوانى عن الإقدام:
هناك وزراء في الحكومة عندهم الكثير من الجرأة وعدم التردد، لا يدعوا المواطن يشعر بأي تردد وأي تقصير في معالجة قضاياه ومشاكله، منهم وزير المالية الدكتور علي حسن خليل الصابر الاكبر وحامي تنظيم المالية العامة. الوزير ميشال فرعون الذي أعطى للسياحة في لبنان شأناً كبيراً رغم كل الصعوبات كذلك لا ننسى الوزير الياس أبو صعب الذي يعاني من شجون وهموم وزارة التربية.
نهاد المشنوق الوزير الذي لا يهدأ، يتحرَّك في الداخل في كل اتجاه، ويغتنم مناسبات العطل والأعياد ليقوم بالمحادثات في الخارج.
لو أنَّ هذا الأمر يتحقق لكان الناس يتحمّلون الشغور القائم، أما أن يكون هناك شغورٌ وتقصير فهذا عقابٌ جماعي ما بعده عقاب.